60

Al-Wasit fi Qawaid Fahm al-Nusus al-Shar'iyyah

الوسيط في قواعد فهم النصوص الشرعية

Daabacaha

الغدير للطباعة والنشر والتوزيع

Daabacaad

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1427 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

لسلوك قائم بحاجة إلى أن يهذب.

والآية الكريمة في تشريعها هي من النمط الثاني، أي إنها جاءت لتهذب سلوكاً قائماً وجعله يتواءم مع مصلحة الإنسان في مجال تنظيم حياته في هذه الدنيا.

فمن الأمر بالتبين أو التثبت الذي يعني التوقف عند سماع خبر الفاسق نفهم أن الناس كانوا عندما يسمعون الخبر لا ينظرون إلى حال المخبر، وإنما يقومون بتصديقه وترتيب الآثار عليه ثقة كان المخبر أو غير ثقة.

وهذا ما لمسناه في قصة النزول حيث أكثر المسلمون على النبي ﷺ بغزو القوم ثانية بمجرد سماعهم خبر منعهم الزكاة من ابن أبي معيط، ولولا توقف النبي ﷺ وتثبته في الأمر لوقعت الواقعة، وكانت الغزوة الثانية.

فالآية الكريمة عندما نزلت كانت تهدف إلى تهذيب هذا السلوك المضر بالمصلحة إلى سلوك نافع يحقق المصلحة، فنهت عن قبول خبر الفاسق بمجرد نقله الخبر وسماعه منه لأن احتمال الكذب في خبر الفاسق هو بمستوى يوجب عدم الأخذ به ذلك أن نسبة احتمال الصدق في خبره ضئيلة بالنسبة لاحتمال الكذب.

ثم أمرت الآية بالتثبت حتى يتبين ويتضح واقع الواقعة فتحصل لدى السامع المعرفة التي يمكنه الاستناد إليها والاعتماد عليها.

ذلك أنه إذا لم يصل إلى هذه المعرفة وقام بالفعل وهو جاهل بحقيقة الواقعة استناداً إلى خبر الفاسق فإنه يندم على فعله عندما لا يصيب الواقع حيث لا ينفع الندم.

وقد اتبع الأصوليون في الاستدلال بالآية على حجية خبر الثقة

58