59

Al-Wasit fi Qawaid Fahm al-Nusus al-Shar'iyyah

الوسيط في قواعد فهم النصوص الشرعية

Daabacaha

الغدير للطباعة والنشر والتوزيع

Daabacaad

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1427 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

في الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي أخي عثمان بن عفان لأمه، وذلك أن النبي ﷺ بعثه إلى بني المصطلق(١) بعد الوقعة معهم مصدِّقاً أي يجبي منهم زكاة أنعامهم، وكان بينه وبينهم عداوة أيام الجاهلية، فلما سمع به القوم استقبلوه تعظيماً لأمر رسول الله ﷺ فظن أنهم خرجوا إليه يريدون قتله فهابهم، وقبل أن يدخل ديارهم رجع إلى رسول الله ﷺ وقال له: إن القوم منعوه صدقاتهم وأرادوا قتله، فأكثر المسلمون الذين سمعوا الخبر على رسول الله ﷺ بأن يغزوهم مرة أخرى، فبلغ ذلك بني المصطلق فأتوا إلى النبي ﷺ وقالوا: يا رسول الله سمعنا برسولك فخرجنا نستقبله ونكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من حق الله فبدا له في الرجوع فخشينا أن الذي رجع به كتاب جاءه منك فغضب غضبته علينا وإنا نعوذ بالله من غضبه تعالى وغضب رسوله.

فأنزل الله تعالى الآية في الوليد لكذبه في منع القوم زكاتهم، وفي المسلمين الذين أكثروا على رسول الله ﷺ بأن يغزو القوم ثانية لعدم تبينهم صحة قول ابن أبي معيط.

إن محاولة فهم معنى الآية عن طريق ربط النص بقصته التي تلقي الضوء الكاشف له، وربط الفكرة بواقعها يقرنها بما يساعد على فهم المقصود منها.

وهذا النمط من الفهم يتوقف على فهم واقع حياة الناس عند نزول الآية الكريمة، وبخاصة أنها في معرض التشريع، ولكن بنحو التهذيب.

والتشريع كما يكون تأسيساً لسلوك جديد، يكون أيضاً تهذيباً

(١) بنو المصطلق: قوم من خزاعة كانوا يقطنون على ماءٍ لهم يدعى المريسيع من ناحية قُديد إلى ساحل البحر الأحمر، غزاهم النبي ﷺ سنة خمس أو ست للهجرة فأسلموا وأحسنوا إسلامهم.

57