61

Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i

الوجيز في فقه الإمام الشافعي

Tifaftire

علي معوض وعادل عبد الموجود

Daabacaha

شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

حتَّى إِذَا ساعدهم عَلَى الحاجَةِ إلى العلْمِ مُسَاعِدٌ، وقال (هَاتِ علّمْهُ)، وأفِدْنَا مِنْ تعليمِهِ، وقَف، وقال: ((الآن إذَا سَلَّمْتَ لي هذا فَأَطْلُبُهُ، فَإنما غَرَضي هذا القدْرُ فقطْ، إذ عَلِمَ أنَّه لو زاد علَى ذلك، لافْتَضَحَ، ولَعَجَز عن حَلِّ أَدْنَى الإشكالات، بل عَجَز عن فَهْمه؛ فضلاً عن جوابه)).

تَصَانِيفُهُ في الرَّدِّ عَلَيْهِمْ:

جاء الإمَامُ الغَزَّالِيُّ، وقد عَظُمَ أمْرُ هذه الفِرْقَةِ، واستفحل ضررُهَا، وانتشرَتْ فضائحُهَا وافتراءَاتُها، وأضَلَّتْ كثيراً من الخَلْقِ تحْتَ لوائها، بما تبثَّه من رسُومٍ وآَدِّعَاءات.

فأنْطَلَقَ الغَزَّالِيُّ يكافِحُ هذه الفِرَقَ ويدْمَغُ حُجَجَهَا، وينقضُ عُرَىْ مِذْهَبها، فألّف كِتَابَهُ الشَّهِيرِ ((فَضَائِحِ البَاطِنِيَّةِ))، وكان هجُومُهُ عَلَيْهِمْ عفيفاً مُخْلِصاً، لا هَوَادَةَ فيه؛ إذَ إنه كانَ يعْلَمُ مَدَى خطرِهمُ الدَّاهِمِ عَلَى الإِسْلام.

وألّف أيضاً ((قَوَاصِمَ البَاطِنَّةِ))، و ((جَوَابَ المَسَائِلِ الأرْبَع)) الَّتي سألها الباطنيَّة بـ ((هَمَذَان)).

وكتب ((القِسْطَاسَ المُسْتَقِيم)؛؛ حيثُ أوضَحَ فيه فَسَادَ القوْلِ بالإمام المعْصُومِ، وأظهر الاستغْنَاءَ عنه لِمَنْ أحَاطَ به.

وكتب ((الذَّرَجَ المَرْقُومَ بالجَدَاوِل))؛ حيثُ تناول ركيكَ كلامِهِمْ ومسائِلِهِمْ.

وتكلّم عليهم في كتاب ((مُفَصَّلِ الخِلاَفِ))، وكتاب ((حُجَّةِ الحَقِّ)).

هذه هي جهودُ إمامِنا الغَزَّاليِّ في الردِّ على الباطِنَّة، وإفسادِ حيَلِهِمُ التي كانَتْ تستهدفُ الإسْلاَمَ والمسلمين، رَحِمَ الله هذا الإِمامَ بمَا أسْدَى للإِسْلاَم، وبما تَرَكَ للمسْلِمِينَ من علومٍ ودُرَرٍ ستبقى لؤلؤةً في تاج الَّزمَنِ.

رابعاً: الغَزَّالِيُّ والسُّلُوكُ ((القَّصَؤُفُ)):

بعدما دَرَسَ الغَزَّالِيُّ علْمَ الكَلَامِ، ووجَد أنَّه لا يَشْفِي غُلَّتَهُ، دَرَسَ الفلْسَفَةِ، عَسَى أنْ يجدَ عنْدَهَا إجابَةً لأسئلَتِهِ، أو تبيناً للحقائِقِ، لكنَّ الفلسفة عَجَزَتْ عن تلبيَةِ مَطْلَب الغَزَّالِيِّ الأسْنَى، ومقصده الأعظَمِ، وهو الوصولُ إلى اليقينِ الذي لَيْسَ وراءَهُ شَكٍّ، والحقيقةِ التي لَيْسَ وراءَهَا رَيْبٌ، أو ضلالٌ. ولما لم يجد ضالته في علم الكلام، ولا في الفلسفة، أخذ يبحث وينقّب حتى وجد ضالَّتَهُ التِي يَنْشُدُها في السُّلُوك، أو ((التَّصَوُّف))، فيَّم وجْهَهُ شَطْر الصوفيّة؛ ليعرفَ حقيقةَ مقاصِدِهِمْ، وليقفَ علَى حقيقةِ مذْهَبِهِمْ؛ وليعرفَ شيْئاً عن منهَجِهِمْ؛ عَسَاهُ أن يتوصَّلِ إلى اليقينِ الَّذِي يَسعَىُّ نحوه، والذي لم يَجِدْهُ في كُلِّ الفرق والمَذَاهِبِ التي دَرَسَها.

يقولُ الغَزَّاليُّ متحدِّثاً عن اتجاهه للصوفيَّة، ودراسَتِهِ لها، وذلك في كتَابِ ((المُنْقِذِ مِنَ الضَّلَاَلِ)):

((ثم إنِّي لما فَرَغْتُ من هذه العُلُوم، أقْبَلْتُ بهمَّتي علَى طريق الصوفيّة، وعِلِمْتُ أنَّ طريقتَهُمْ إِنَّما تتمُّ بعلْم وعملٍ)) وهكذا ينتهي الأمرُ بالغَزَّالِيِّ إلى تفضيلِهِ طريقَ الصوفيّة، فهي عنده أفضلُ الطُّرُق الَّتي

61