The Prophet's Biography by Ibn Hisham
السيرة النبوية لابن هشام
Tifaftire
طه عبد الرؤوف سعد
Daabacaha
شركة الطباعة الفنية المتحدة
Noocyada
Taariikhda Nebiga
قريش تنازع عبد المطلب في زَمْزَمَ: قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا بُيِّنَ لَهُ شأنها، ودل على موضعها، وعرف أنه قد صُدِّقَ، غَدَا بمعْوَله وَمَعَهُ ابْنُهُ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، لَيْسَ لَهُ يَوْمَئِذٍ وَلَدٌ غَيْرَهُ فَحَفَرَ فِيهَا فَلَمَّا بَدَا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ الطَّيَّ، كَبَّر.
التحاكم في بئر زمزم: فَعَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّهُ قَدْ أَدْرَكَ حَاجَتَهُ، فَقَامُوا إلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا عَبْدَ الْمُطَّلِبِ، إنَّهَا بِئْرُ أَبِينَا إسْمَاعِيلَ، وَإِنَّ لَنَا فِيهَا حَقًّا فَأَشْرِكْنَا مَعَكَ فِيهَا. قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلِ إنَّ هَذَا الْأَمْرَ قَدْ خُصصتُ بِهِ دونَكم، وَأُعْطِيتُهُ مِنْ بَيْنِكُمْ، فَقَالُوا لَهُ: فَأَنْصِفْنَا، فَإِنَّا غيرُ تاركيك حتى نخاصمك فيها، قال: فاجملوا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مَنْ شِئْتُمْ أحاكمْكم إلَيْهِ، قَالُوا: كاهنة بني سعد
= وبين المنافقين، لا يستطيعون أن يتضلعوا منها، أَوْ كَمَا قَالَ ﷺ، وفى تسميتها بالمضنونة رواية أخرى، رواها الزبير: أن عبد المطلب قيل له: احفر المضنونة ضننت بها على الناس إلا عليك.
أما الفرث والدم، فإن ماءها طعام طُعم، وشفاء سُقم، وهي لما شُربت له، وقد تقوَت من مائها أبو ذر ﵁ ثلاثين بين يوم وليلة، فسمن حتى تكسرت عكنه.
أما الغراب الأعصم، فقال العَتبي: الأعصم من الغربان الذي في جناحيه بياض فالغراب في التأويل: فاسق، وهو أسود، فدلت نقرته عند الكعبة على نقرة الأسود الحبشي بمعوله فى أساس الكعبة يهدمها في آخر الزمان، فكان نقر الغراب في ذلك المكان يؤذن بما يفعله الفاسق الأسود في آخر الزمان بقبلة الرحمن، وسُقيا أهل الإيمان، وذلك عندما يُرفع القران، وتحيا عبادة الأوثان، وفى الصحيح عن رسول الله ﷺ: "ليخربنَّ الكعبة ذو السويقتين من الحبشة" وفى الصحيح أيضًا من صفته: أنه "أفجج" وهذا أيضًا ينظر إلى كون الغراب أعصم إذ الفجج تباعد في الرجلين، كما أن العَصَم اختلاف فيهما، والاختلاف: تباعد. راجع فتح الباري لابن حجر بتحقيقنا.
وأما قرية النمل؛ ففيها من المشاكلة أيضًا، والمناسبة: أن زمزم هي عين مكة التي يردها الحجيج والعمار من كل جانب، فيحملون إليها البر والشعير، وغير ذلك وهي لا تحرث ولا تزرع كما قال سبحانه خبرًا عن إبراهيم ﵇: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ﴾ [إبراهيم: ٣٧] إلى قوله: ﴿وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾ [إبراهيم: ٣٧] وقرية النمل لا تحرث ولا تبذر، وتجلب الحبوب إلى تربتها من كل جانب، وفى مكة قال الله سبحانه: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾ [النحل: ١١٢]
1 / 133