144

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

ومهما يكن فقد مضى (الشهيد) بمآثر كبيرة، وأعمال جليلة وأيادي بيضاء على الفقه والشريعة خلدته ودرجت اسمه في سجل الخالدين من المجاهدين والعاملين في سبيل الاسلام، وأبقى هذه ذكرا جميلا وخلقا صالحا.

ف(رحمه الله) يوم ولد، و(رحمه الله) يوم استشهد في سبيل الله، و(رحمه الله) يوم يحشر (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون).

حياة الشهيد الثاني

(الشهيد الثاني) نجم لامع في سماء (الفقه الاسلامي)، وكانت حياته حياة طيبة مثمرة آتت ثمرات طيبة في الفقه وعلوم الشريعة، فقد قدر للشهيد الثاني أن يخلف بعده تراثا فقهيا، وثروة فكرية ضخمة تداوها من بعده الفقهاء بالتدريس والتحقيق والبحث. كما اتيح له أن يرتبط ارتباطا وثيقا بسائر المذاهب الاسلامية الفقهية ويقرأ الفقه والدراسات العقائدية على مختلف المذاهب الاسلامية.

فكان يدرس الفقه في (بعلبك) على المذاهب الخمسة، ويستعرض رأي كل مذهب من المذاهب الخمسة، ويشفعه بما يستدل له، ثم يقارن فيما بينها وثقافة (الشهيد الثاني) الفقهية كانت نتيجة لتلاقح المدارس الفقهية الاسلامية في ذهنه مع المحافظة على استقلال اصول (الفقه الشيعي) في الاجتهاد والاستنباط. وهذه ظاهرة فذة في (ثقافة الشهيد) الفقهية، تجتمع فيه سعة الذهنية الفقهية التي تتسع لاكثر من مذهب ومدرسة، وطابع الاستقلال في الاستدلال، والاجتهاد عن المذاهب الاخرى.

ولم تقتصر (ثقافة الشهيد) من جانب آخر على الفقه، فقد درس (الهيئة) و(الطب) و(الرياضيات) و(الادب) و(الفلسفة) وفنونا أخرى من العلم دراسة واعية مستوعبة، ودرس منها كما كتب في جملة منها.

Bogga 159