143

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

وهو كلام معقول، إلا أن ذلك لم يسمع منه، وعاد الحكم إلى المالكي فقام وتوضأ وصل ركعتين، ثم قال: قد حكمت باراق دمه.

وإذا كنا نحن نفهم أن الاغراض والمصالح الشخصية قد تبرز لابن جماعة ولبيدمر، وغيرهما أن يقضوا على (الشهيد) ويقتلوه فلا نفهم مغزى هذه المعاملة التي عومل بها الشهيد بعد وفاته.

فلم يكن الغرض هو القضاء على (الشهيد) فقط، وإلا كان الشهيد قد لقي حتفه بالضربة الاولى من السيف، وإنما كان الغرض هو إهانة (الشهيد) بعد وفاته، والحط من مكانته حتى بعد موته، ويجب أن يبلغ الانسان الغاية من الوضاعة، والانحطاط الخلقي، والاسفاف والحقد حتى يستشفي باهانة قتيل قد أزيح عن ميدان المعارضة.

فقد قتل (الشهيد) بدمشق، ثم أمر بصلبه وهو مقتول بمرأى من الناس، ويحيطه جماعات من الجلاوزة للمحافظة على جثته من أن يستولي عليه مخلصوه ومريدوه لدفنه، ثم لم يجد هؤلاء الحاقدون الوضيعون في ذلك شفاءا لغليلهم فأمروا برجم الجسد بالحجر، فرجمه جلاوزة (بيدمر) و(ابن جماعة).

ويظهر أن ذلك كله لم يطفئ الحقد الموغل في نفوسهم القذرة فأمروا بحرق الجسد.

ومهما قال عبد الحي الحنبلي عن (الشهيد)، ومهما قالوا عن (ابن جماعة) فلا يدعو ذلك لاكثر من القتل، وما قام به (بيدمر) و(ابن جماعة) وجلاوزتهما من اهانة جسد (الشهيد) بعد قتله يدل على حقد دفين ومرض متأصل في نفوسهما بالنسبة إلى الشهيد، وأن ذلك لا يرتبط أصلا بقصة التهم والمحاضر، وإنما يمس مصالحهم الشخصية اكثر من من أي شي ء آخر.

Bogga 158