المبحث الرابع فى : الفرق بين القواعد الفقهية والقواعد الاصولية
لقد وضع العلماء القواعد الأصولية كأدوات للاستنباط والاجتهاد، وأول من صنف فيها ووضعها في كتاب مستقل هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه في كتاب الرسالة، أما القواعد الفقهية فقد وضعت لتجمع الأحكام المتشابهة والمسائل المتناظرة المنثورة في الكتب والأبواب، وهذا النوع من القواعد قد تأخر تدوينه وأول من وضع هذا النوع من القواعد هم فقهاء الحنفية رضي الله عنهم كما سنرى وقد صرح القرافي فيما سبق بالنوعين وميز بينهما. وقد دونت هذه القواعد فيما بعد في كتب مستقلة، وهي كثيرة ومتنوعة، وسيأتي تصنيفها، إن شاء الله.
ويمكن التمييز بين النوعين فيما يلي:
١- إن القواعد الأصولية ناشئة في أغلبها عن الألفاظ العربية والقواعد العربية والنصوص العربية كما صرح القرافي سابقاً.
أما القواعد الفقهية فناشئة من الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية.
٢- إن القواعد الأصولية خاصة بالمجتهد يستعملها عند استنباط الأحكام الفقهية. ومعرفة حكم الوقائع والمسائل المستجدة من المصادر الشرعية.
أما القواعد الفقهية، فإنها خاصة بالفقيه، أو المفتي، أو المتعلم الذي يرجع إليها لمعرفة الحكم الموجود للفروع، ويعتمد عليها بدلاً من الرجوع إلى الأبواب الفقهية الواسعة والمتفرقة(٢٨).
٣- تتصف القواعد الأصولية بالعموم والشمول لجميع فروعها كما تتصف بالاطراد فلا تنخرم كليتها.
أما القواعد الفقهية فإنها وإن كانت عامة وشاملة ولكنها تكثر فيها الاستثناءات وهذه الاستثناءات تشكل قواعد مستقلة، أو قواعد فرعية، وهذا ما حدا بكثير من العلماء لاعتبار القواعد الفقهية قواعد أغلبية وأنه لا يجوز الفتوى بمقتضاها(٢٩).
(٢٨) أصول الفقه للشيخ محمد أبو زهرة ص ١٠.
(٢٩) انظر مقالة الدكتور محمد مصطفى الزحيلي في مجلة البحث العلمي العدد الخامس لعام ١٤٠٢ ص ١٤.