198

Al-Muntakhab min Kutub Shaykh al-Islam

المنتخب من كتب شيخ الإسلام

Daabacaha

دار الهدى للنشر والتوزيع

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

لا التحليل والإسقاط، مثل أن يكون في أمره بطاعة فعلًا لمعصية أكبر منها، فيترك الأمر بها دفعًا لوقوع تلك المعصية، مثل أن ترفع مذنبًا إلى ذي سلطان ظالم فيعتدى عليه في العقوبة ما يكون أعظم ضررًا من ذنبه، ومثل أن يكون في نهيه عن بعض المنكرات تركًا لمعروف هو أعظم منفعة من ترك المنكرات؛ فيسكت عن النهي خوفًا أن يستلزم ترك ما أمر الله به ورسوله مما هو عنده أعظم من مجرد ترك ذلك المنكر.
فالعالم تارة يأمر، وتارة ينهى، وتارة يبيح، وتارة يسكت عن الأمر أو النهي أو الإباحة؛ كالأمر بالصلاح الخالص أو الراجح، أو النهي عن الفساد الخالص أو الراجح، وعند التعارض يرجح الراجح - كما تقدم - بحسب الإمكان، فأما إذا كان المأمور والمنهي لا يتقيد بالممكن؛ إما لجهله، وإما لظلمه، ولا يمكن إزالة جهله وظلمه؛ فربما كان الأصلح الكف والإمساك عن أمره ونهيه، كما قيل: إن من المسائل مسائل جوابها السكوت، كما سكت الشارع في أول الأمر عن الأمر بأشياء والنهي عن أشياء حتى علا الإسلام وظهر.
فالعالم في البيان والبلاغ كذلك قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن، كما أخر الله سبحانه إنزال آيات وبيان أحكام إلى وقت تمكن رسول الله ﷺ تسليمًا إلى بيانها ...
ومن هنا يتبين سقوط كثير من هذه الأشياء وإن كانت واجبة أو محرمة في الأصل لعدم إمكان البلاغ الذي تقوم به حجة الله في الوجوب أو التحريم؛ فإن العجز مسقط للأمر والنهي وإن كان واجبًا في الأصل، والله أعلم.
ومما يدخل في هذه الأمور الاجتهادية علمًا وعملًا أن ما قاله العالم أو الأمير أو فعله باجتهاد أو تقليد، فإذا لم ير العالم الآخر والأمير الآخر مثل

1 / 207