Al-Mughni, Sharh Mukhtasar Al-Khiraqi
المغني شرح مختصر الخرقي
Tifaftire
عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو
Daabacaha
دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع
Daabacaad
الثالثة
Sanadka Daabacaadda
1417 AH
Goobta Daabacaadda
الرياض
الحُكْمِ في سَائِرِ المأكُولَاتِ لانْتِفاءِ المُقْتَضِى، لا لِكَوْنِهِ مَأْكُولًا، فلَا أثرَ لِكَوْنهِ مَأكُولًا، ووُجُودُهُ كعَدَمِه. ومِنَ العَجَبِ أنَّ مُخَالِفينَا في هَذِهِ المَسْأَلَةِ، أوْجَبُوا الوُضُوءَ بأحادِيثَ ضَعِيفةٍ تُخَالِفُ الأُصُولَ؛ فأبو حَنِيفة أوْجَبَهُ بالقَهْقَهةِ في الصَّلَاةِ دُون خارِجِها، بحدِيثٍ مِنْ مَرَاسِيل أبِى العَالِيَةِ، ومالِكٌ والشَّافِعِىُّ أوْجَبَاهُ بمَسِّ الذَكَرِ، بحَدِيثٍ مُخْتَلَفٍ فيه، مُعَارَضٍ بِمْثلِهِ دُونَ مَسِّ (٢٠) بَقِيَّةِ الأعْضَاءِ، وتركوا هذا الحدِيثَ الصَّحِيحَ الَّذِى لا مُعارِضَ لَهُ، مع بُعْدِه عن التَّأْوِيلِ، وقُوَّةِ الدَّلَالَةِ فيه، لمُخَالَفَتِه لِقَياسٍ طَرْدِىٍّ.
فصل: وفِى شُرْبِ لَبَنِ الإِبِلِ رِوَايَتَانِ: إحداهُما، يَنْقُضُ الوُضُوءَ؛ لِمَا رَوَى أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: "تَوَضَّؤُوا مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ وأَلْبانِها". رَوَاهُ الإِمامُ أَحْمَدُ، فِى "المُسْنَدِ" (٢١). وفِى لَفْظٍ: أنَّ النبيَّ ﷺ سُئِلَ عَنْ أَلْبانِ الإِبِلِ، فقالَ: "تَوَضَّؤُوا مِنْ أَلْبانِها"، وسُئِلَ عَنْ أَلْبانِ الغَنَمِ، فقالَ: "لَا تَتَوَضَّؤُوا مِنْ أَلْبانِها". رَوَاه ابنُ مَاجَه (٢١)، وروَى نحوَه. عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو (٢١). والثانيةُ، لا وُضُوءَ فِيه؛ لأنَّ الحَدِيثَ الصَّحِيحَ إنما وَرَدَ في اللَّحْمِ. وقَوْلُهم: فِيهِ حَدِيثانِ صَحِيحانِ. يَدُلُّ علَى أنَّه لا صَحِيحَ فيه سِوَاهُما، والحُكْمُ ههُنا غَيرُ مَعْقُولٍ، فيَجِبُ الاقْتِصَارُ علَى مَوْرِدِ النَّصِّ فيهِ.
وفِيمَا سِوَى اللَّحْم مِنْ أجْزَاءِ البَعِيرِ؛ مِنْ كَبِدِه، وطِحَالِه، وسَنَامِه، ودُهنِه، ومَرَقهِ، وكَرِشِه، ومُصْرَانِه، وَجْهَانِ: أحَدُهُما، لَا يَنْقُضُ؛ لأَنَّ النَّصَّ لَمْ يتناوَلْهُ. والثانى، يَنْقُضُ؛ لأَنَّه مِنْ جُمْلَةِ الجَزُورِ، وإطْلاقُ اللَّحْمِ في الحَيوَانِ يُرادُ به جُمْلَتُه؛ لأنَّه أَكْثَرُ ما فيه، ولذلك لَمَّا حَرَّم اللَّه تَعالَى لَحْمَ الخِنْزِيرِ، كان تَحْرِيمًا لجُمْلَتِه، كذا ههُنَا.
فصل: وما عدا لَحْم الجَزُورِ مِنْ الأَطْعِمَةِ لا وُضُوءَ فيه، سَوَاءٌ مَسَّتْهُ النَّارُ أو لم تَمَسَّه. هذا قَوْلُ أَكثرِ أهْلِ العِلْمِ. رُوِىَ ذلك عن الخُلَفاءِ الرَّاشدِينَ، وأُبَىِّ بنِ
(٢٠) سقط من: الأصل.
(٢١) وتقدم قريبا.
1 / 254