309

Al-Mughni, Sharh Mukhtasar Al-Khiraqi

المغني شرح مختصر الخرقي

Tifaftire

عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو

Daabacaha

دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع

Daabacaad

الثالثة

Sanadka Daabacaadda

1417 AH

Goobta Daabacaadda

الرياض

غَسْلَ اليَدِ، كما كانَ ﵇ يأْمُرُ بالوُضُوءِ قبلَ الطَّعَامِ وبعدَه، وخُصَّ ذَلِكَ بلَحْمِ الإِبِلِ؛ لأنَّ فِيهِ مِن الحرارةِ والزُّهُومةِ (١٦) ما ليس في غيره. قُلْنا: أَمَّا الأوَّلُ فَمُخَالِفٌ للظَّاهِرِ مِن ثلاثةِ أَوْجُهٍ: أحدُها، أنَّ مُقْتَضَى الأَمْرِ الوُجُوبُ. الثاني، أنَّ النَّبىَّ ﷺ سُئِلَ عَن حُكْمِ هذا اللَّحْم، فأجابَ بالأَمْرِ بالوُضُوءِ منه، فلا يَجُوزُ حَمْلُه علَى غَيْرِ الوُجُوبِ؛ لأنَّه يَكونُ تَلْبِيسًا علَى السَّائِلِ، لا جوابًا. الثالثُ، أنَّه ﵇ قَرَنَه بالنَّهْىِ عَنِ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ، والمُرَادُ بالنَّهْىِ ههُنا نَفْىُ الإِيجَابِ لا التَّحْرِيمُ، فيَتَعَّينُ حَمْلُ الأَمْرِ عليه (١٧) علَى الإِيجَابِ، ليَحْصُلَ الفَرْقُ. وأمَّا الثاني فلا يَصِحُّ لوُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ: أحَدُها، أنَّه يَلْزَمُ منه حَمْلُ الأَمْرِ علَى الاسْتِحْبابِ، فإنَّ غَسْلَ اليَدِ بمُفْرَدِهِ غيرُ وَاجِبٍ، وقد بَيَّنَا فَسَادَهُ. الثاني، أنَّ الوُضُوءَ إذا جَاءَ عَلَى لِسَانِ الشَّارِعِ، وَجَبَ حَمْلُه علَى المَوْضُوعِ الشَّرعِىِّ دُونَ اللُّغَوِىِّ؛ لأنَّ الظاهِرَ منه، أنَّه إنَّما يَتَكَلَّمُ بمَوْضُوعَاتِهِ. الثالثُ، أنَّه خَرَجَ جَوابًا لسُؤالِ السَّائِلِ عَنْ حُكْمِ الوُضُوءِ مِنْ لُحُومِها، والصَّلَاةِ في مَبَارِكِها، فلا يُفْهَمُ مِنْ ذلك سوى الوُضُوء المُرَادِ للصَّلاةِ. الرابعُ، أنَّهُ لو أُرادَ غَسْلَ اليَدِ لَمَا فَرَّقَ بَيْنَهُ وبَيْنَ لَحْمِ الغَنَمِ؛ فإنَّ غَسْلَ اليَدِ منهما مُسْتَحَبٌّ، ولِهَذَا قالَ: "مَنْ بَاتَ وَفِى يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ (١٨) فأَصَابَهُ شيءٌ، فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ (١٩) ". وما ذكروهُ مِنْ زيادةِ الزُّهُومَةِ فأمْرٌ يَسِيرٌ، لا يَقْتَضِى التَّفْرِيقَ. واللهُ أعلمُ. ثم لا بدَّ مِن دَلِيلٍ نَصْرِفُ به اللَّفْظَ عن ظَاهِرِهِ ويجبُ أنْ يكونَ الدَّلِيلُ له مِنَ القُوَّةِ بقَدْرِ قُوَّةِ الظَّواهِرِ المَتْرُوكةِ، وأقوَى مِنْها، وليس لهم دَلِيلٌ، وقِيَاسُهم فَاسِدٌ؛ فإنَّه طَرْدِىٌّ لا مَعْنَى فيه، وانْتِفاءُ

(١٦) الزهومة: ريح لحم سمين منتن.
(١٧) سقط من: م.
(١٨) الغمر: الدسم والزهومة من اللحم.
(١٩) أخرجه أبو داود، في: باب في غسل اليد من الطعام، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود ٢/ ٢٣٠. والترمذي، في: باب ما جاء في كراهية البيتوتة وفى يده ريح غمر، من أبواب الأطعمة. عازضة الأحوذى ٨/ ٤٧. وابن ماجه، في: باب من بات وفى يده ريح غمر، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٩٦. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٦٣، ٣٤٤، ٥٣٧.

1 / 253