============================================================
الفن الرابع: المقالات التي اختلف فيها أهل الملة ال واختلف الذين أثبتوا التواتر: فقال قوم: إذا تواتر الخبر على قوم بأمر من الأمور، وقع لهم ما تواتر به عليهم ضرورة. وأجازوا مع ذلك أن يتواتر الخبر بشيء ما على قوم ولا يتواتر على آخرين وإن كانوا في بلد.
وقال قوم: ليس يقع العلم بذلك ضرورة، بل قد يجوز أن يتواتر الخبر بشيء ما على قوم ولا يعلموه إذا كانت السنة قد تعترض فيه، وكان في إنكاره اختلاف يقع في تأييد مقالة أو شفاء غيظ أو غير ذلك. وإذا كان الشيء بخلاف ذلك فإنه يبعذ في الوهم أن لا يقع العلم به، لا لأنه يقع ضرورة، ولكن لما ذكرنا من اعتراض الشنة وسائر ما بينا. واحتجوا في ذلك بأن آيات النبي صلى الله عليه التي هي سوى القرآن قد تواتر الخبر بها، ثم لم يضطر اليهود ولا النصارى عندنا وعند خصومنا العلم بذلك.
واختلف الذين أنكروا أن تجتمع الجماعة الكثير عددها التي لا يجوز عليها التواطؤ والاتفاق والتراسل على اعتماد الكذب: فقال قوم: لن يجوز أن يجتمعوا على ذلك فيما عاينوه وأحشوة،/ ولا (1/60] فيما يقولونه قياسا واستنباط (1).
وقال قوم - وهم جمهور أهل التواتر-: لن يجوز عليهم اعتماد الكذب فيما أحشوا لعلمهم بقبحه، وقد يجوز ذلك عليهم فيما لا يعلمون قبحه ولا أنه كذب، ثم ذهبوا إليه من طريق القياس والاستخراج.
(1) في الأصل: واستنباط:
Bogga 289