خبرة جيدة في أساليب القتال، ومعرفة بما ينبغي للجندي أن يتجنّبه من مثالب وسلبيات لا تليق به ولا تناسبه، وعدّد أربعة عشر كتابًا من تأليف ابن منكلي، والكتب المحققة منها، والكتب الضائعة، ثم تحدث عن عصره، وعن دولة المماليك الأولى في مصر، وسلاطينهم الأربعة والعشرين، في إيجاز وتكثيف ووضوح، وخلص إلى أن نقد ابن منكلي بنّاء وليس هدّامًا، يشيّد ولا يحطّم، يرتق الثغرات، ويغطّي العورات، وقد ألّف كتابه هذا لسببين:
الأول: أن يُعرف أن في المعسكر الإسلامي من له اهتمام في العلوم العسكرية.
الثاني: أن يستثير هِمَمَ المسؤولين، للإفادة من طاقات الرجال، وكفاياتهم المعطلة.
يقول خطّاب: لقد أراد - ابن منكلي - بنقده الإصلاح والصلاح، وخير البلد، ومصلحة الأمّة، وكان سبيله إلى ذلك قلمه، بعد أن جاهد بسيفه حقّ الجهاد، فلم يسكت على انحراف، فهاجم المنحرفين، وشخّص الداء، ووصف الدواء .. إنه قال علنًا ما (يجب) أن يسمعه السلطان، لا ما (يحبّ) أن يسمعه السلطان، فأدَّى الأمانة، وبقي - بقلمه - حاضرًا في سمع الزمن، مرموق المكانة والمكان.
كان تحقيق اللواء خطّاب لهذا الكتاب نمطًا فريدًا في التحقيق، تجشّم فيه المشاق، وذلّل العقبات، وبذل جهودًا مضنية، وهو لم يحققه لأنه وقع تحت يده، بل تلبّث طويلًا وتردّد في التحقيق، من أجل اعتقاد ابن منكلي بالحروف والأعداد والأرقام، ثم هُدي إلى تحقيقه، وشرح الله صدره لذلك، فأقدم .. فهو رجل الجدّ والصرامة، لا يعبث فيما يحقق، كما لا يعبث فيما يقول ويفعل ويكتب، فلو لم يجد فائدة كبيرة في تحقيقه