Al-Khitaba - University of Madinah
الخطابة - جامعة المدينة
Daabacaha
جامعة المدينة العالمية
Noocyada
فكشف عن وجه النبي ﷺ وعَلِمَ أنّه قد مات، فقَبّله وقال: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله، طِبْتَ حَيًّا ومَيِّتًا"، ثم خَرَجَ فبَدر الصّحابة بخطبته المشهورة التي قال فيها: "من كان يعبد محمدًّا؛ فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت.
ثم أخذ في بيان غلط من كذبوا موته محتجًّا عليهم بقول الله ﵎: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ (الزمر: ٣٠). وقوله سبحانه: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾ (آل عمران: ١٤٤) وقوله سبحانه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ (آل عمران: ١٨٥) وقوله سبحانه: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَا لِكٌ إِلَّا وَجْهَه ُ﴾ (القصص: ٨٨).
فثاب من كذبوا موته ﷺ، ورضي الله عن أصحابه أجميع- إلى رُشدهم، بعدما سَمِعُوا من أبي بكر ﵁ وكأنّهم لم يسمعوا هذه الآيات قبل هذه الساعة.
ولم يَلْبَث ﵁ أنْ عَرَف أنّ الأنصار قد اجتمعوا إلى سعد بن عبادة في ثقيفة بني ساعدة، يقولون: منا أمير ومن قريش أمير. فراعه ذلك وخشي على الأمة من الفرقة والطمع في الملك، فبادر إليهم قبل أن يستفحل الشر، وتبعه عمر وأبو عبيدة في نفر من المهاجرين، وهناك خطب في الأنصار، فأقنعهم أن يجتمعوا على رجل من قريش، وكان مما قاله في خطبته، بعد أن سَكت عمر عن الكلام، وكان عمر يريد أن يتكلم لأنه قد زور في نفسه كلامًا يخشى أن لا يبلغه أبو بكر، لكنه سكت لما سكته أبو بكر.
ثم حمد الله ﷿ وأثنى عليه، ثم قال ﵁: "أيها الناس، نحن المُهاجرون أوّلُ الناس إسلامًا، وأكرمهم أحسابًا، وأوسطّهم دارًا، وأحسنُهم وجوهًا، وأكثر الناس وِلادةً في العرب، وأمسّهم رَحِمًا برسول الله ﷺ، أسلمنا قبلكم، وقُدِّمنا في
1 / 172