Al-Kharaj
الخراج
Baare
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Daabacaha
المكتبة الأزهرية للتراث
Lambarka Daabacaadda
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Sanadka Daabacaadda
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
فصل: فِي من اتَّخَذَ مَشْرَعَةً فِي أَرْضِهِ عَلَى شاطئ نهر
وَلَوْ أَنَّ رَجُلا اتَّخَذَ مَشْرَعَةً فِي أَرْضِهِ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ أَوْ دِجْلَةَ يَسْتَقِي مِنْهَا السَّقَّاءُونَ، وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ فِيهَا الأُجْرَةَ إِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَلا يَصْلُحُ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُمْ شَيْئًا وَلَمْ يؤاجرهم أَرضًا. وَلَو قبل هَذِهِ الْمُشْرَعَةٌ الَّتِي فِي أَرْضِهِ كل شَيْء بِشَيْء مُسَمًّى تَقُومُ فِيهَا الإِبِلُ وَالدَّوَابُّ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا؛ فَهَذَا قَدْ أَجَّرَ أَرْضًا لِعَمَلٍ مُسَمًّى.
وَلَوِ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ قِطْعَةً مِنْهَا يُقِيمُ فِيهَا بَعِيرًا أَوْ دَابَّةً يَوْمًا جَازَ ذَلِكَ. وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُشْرَعَةُ لَا يَمْلِكُهَا الَّذِي اتَّخَذَهَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ وَلا يَصْلُحُ لَهُ.
وَلَوْ كَانَتْ فِي مَوضِع لَا حق لأَحَدٍ فِيهِ فَاتَّخَذَهُ مَنَعْتَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْقُوا من ذَلِك الْمَكَان بِغَيْرِ أَجْرٍ؛ وَإِنَّمَا أَجَزْتُ لَهُ إِذَا كَانَتِ الأَرْضُ لَهُ يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا؛ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بِمِلْكٍ وَلا بِتَصْيِيرٍ مِنَ الإِمَامِ مَلَّكَهَا لَهُ لَمْ يَتْرُكْ أَنْ يكربها وَلا يُؤَاجِرَهَا وَلا يُحْدِثَ فِيهَا حَدَثًا.
وَإِنْ كَانَتِ الأَرْضُ لَهُ فَأَرَادَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَمُرُّوا فِي تِلْكَ الأَرْضِ لِيَسْتَقُوا الْمَاءَ فَمَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الإِمَامَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ طَرِيقٌ يَسْتَقُونَ مِنْهُ الْمَاءَ غَيْرُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُمْ وَمَرُّوا فِي أَرْضِهِ وَمَشْرَعَتِهِ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَلا كِرًى؛ لأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْنَعَ الشَّفَةَ. وَإِنْ كَانَ لَهُمْ طَرِيقٌ غَيْرُ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنَ الْمَمَرِّ، وَلا يَجُوزُ لأَحَدٍ أَن يتَّخذ مشرعة فيمثل الْفُرَات ودلجة وَيُؤَاجِرَهَا؛ إِلا أَنْ تَكُونَ لَهُ الأَرْضُ أَوْ يَكُونَ الْإِمَامُ صَيَّرَهَا لَهُ يُحْدِثُ فِيهَا مَا شَاءَ؛ لِأَن الْفُرَات ودلجة لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَهُمْ فِيهِمَا شُرَكَاءُ فَإِنْ أَحْدَثَ رَجُلٌ مَشْرَعَةً أَوْ غَيْرَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إِلا أَنْ يَكُونَ جَعَلَهَا لِلنَّاسِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ.
قَالَ: وَإِذَا اتَّخَذَ أَهْلُ الْمَحِلَّةِ مَشْرَعَةً لأَنْفُسِهِمْ يَسْتَقُونَ مِنْهَا لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَسْتَقِي مِنْهَا؛ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ مِنْ قِيَامٍ الدَّوَابِّ وَالإِبِلِ مَنَعُوهُمْ مِنْ ذَلِك؛ فَأَما غَيرهم فَلَا يمنعونهم.
1 / 111