Al-Kharaj
الخراج
Baare
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Daabacaha
المكتبة الأزهرية للتراث
Lambarka Daabacaadda
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Sanadka Daabacaadda
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَتَفْسِيرُ هَذَا عِنْدَنَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ أَن يحرز، والإحزار لَا يَكُونُ إِلا فِي الأَوْعِيَةِ والآتية؛ فَأَما الْآبَار والأحوض فَلا.
قَالَ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِمَارَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّه قَالَ: "لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَاءَ مَخَافَةَ الْكلأ".
القَوْل فِي الْقِتَال على المَاء:
وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ النَّهَرِ أَوِ الْعَيْنِ أَوِ الْبِئْرِ أَوِ الْقَنَاةِ مَنَعَ ابْنَ السَّبِيلِ مِنَ الشُّرْبِ مِنْهَا، أَوْ أَنْ يَسْقِيَ دَابَّتَهُ أَوْ بَعِيرَهُ أَوْ شَاتَهُ حَتَّى يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّ أَصْحَابَنَا كَانُوا يَرَوْنَ الْقِتَالَ عَلَى الْمَاءِ إِذَا خَافَ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ بِالسِّلاحِ إِذَا كَانَ فِي الْمَاءِ فَضْلٌ عَمَّنْ هُوَ مَعَهُ، وَلا يَرَوْنَ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ، وَيَرَوْنَ فِيهِ الْأَخْذ وَالْغَضَب مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ؛ فَأَمَّا الْمَاءُ خَاصَّةً فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ فِيهِ إِذَا خِيفَ عَلَى النَّفْسِ قِتَالَ الْمَانِعِ مِنْهُ وَهُوَ فِي الأَوْعِيَةِ عِنْدَ الاضْطِرَارِ إِذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ. وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ عُمَرَ فِي الْقَوْمِ السَّفْرِ الَّذِينَ وَرَدُوا مَاءً فَسَأَلُوا أَهْلَهُ أَنْ يَدُلُّوهُمْ عَلَى الْبِئْرِ؛ فَلَمْ يَدُلُّوهُمْ عَلَيْهَا؛ فَقَالُوا: إِنَّ أَعْنَاقَنَا وَأَعْنَاقَ مَطَايَانَا قَدْ كَادَتْ تَنْقَطِعُ مِنَ الْعَطَشِ فَدُلُّونَا عَلَى الْبِئْرِ وَأَعْطُونَا دَلْوًا نَسْتَقِي بِهِ، فَلَمْ يَفْعَلُوا فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَقَالَ: هَلا وضعتم فيهم السِّلَاح.
الْمُسلمُونَ شُرَكَاء فِي الْأَنْهَار:
وَالْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا شُرَكَاءُ فِي دِجْلَةَ وَالْفُرَاتَ، وَكُلِّ نَهَرٍ عَظِيمٍ نَحْوِهِمَا أَوْ وَادٍ يَسْتَقُونَ مِنْهُ وَيَسْقُونَ الشقة وَالْحَافِرَ وَالْخُفَّ، وَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ شُرْبُ أَرْضِهِمْ وَنَخْلِهِمْ وَشَجَرِهِمْ، لَا يُحْبَسُ الْمَاءُ عَنْ أَحَدٍ دُونَ أَحَدٍ.
وَإِنْ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَكْرِي نَهَرًا فِي أَرْضِهِ مِنْ هَذَا النَّهَرِ الأَعْظَمِ؛ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فِي النَّهَرِ الأَعْظَمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يُتْرَكَ يَكْرِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَر ترك يكربه، وَعَلَى الإِمَامِ كِرَى هَذَا النَّهَرِ الأَعْظَمِ الَّذِي لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ إِنِ احْتَاجَ إِلَى كِرَى، وَعَلَيْهِ أَنْ يُصْلِحَ مِسْنَاتِهِ إِنْ خِيفَ مِنْهُ، وَلَيْسَ النَّهَرُ الأَعْظَمُ الَّذِي لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَنَهَرٍ خَاصٍّ لِقَوْمٍ لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِمْ، أَلا ترى أَن أَصْحَاب هَذَا النَّهَرِ فِيهِ شُفَعَاءٌ لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ أَرْضًا لَهُ، وَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا مِنْ أَنْ يَسْقِيَ أَحَدٌ مِنْ نَهْرِهِمْ أَرْضَهُ أَوْ شَجَرَهُ أَو نخله.
وَلَيْسَ الْفُرَات ودلجة كَذَلِك فَإِن الْفُرَات ودلجة يَسْقِي مِنْهُمَا مَنْ شَاءَ وَتَمُرُّ فيهمَا السفن وَلَا يكونُونَ فِيهَا شُفَعَاء لشركتهم فِي شربه.
1 / 110