على مثل هذا السبب مستبعد، نعم قد يكون هذا سببًا مع أسبابٍ أخرى يُقَوِّي بعضها بعضًا، أمَّا أن يستقل وحده برجوع الشيخ عن الاعتزال فبعيد جدًا، بل انتصار الخلفاء لقول المعتزلة في خلق القرآن كان قبل مولد الأشعري، بل قبل نهيهم عن القول بخلق القرآن، وكان قبل مولده أيضًا، بل الأشعري كان معتزليًا عشرات السنين في وقت كان الخليفة ينهى عن هذا القول الضال ومع ذلك اعتنق الأشعري هذا التيار الذي لم يكن منصورًا من الخليفة في زمانه، ولكن الذي يظهر أنه ترك هذا المذهب الفاسد بعد أن بان له فساده وهداية الله له.
القول السادس: قوة أبي الحسن في المناظرات:
ذكر أحمد أمين: أن أبا الحسن كان قوي الحجة، فلفت الأنظار إليه، وكان مع قوة حَجَّتِهِ معروفًا بالصلاح والتقوى وحسن المنظر، مما جذب نفوس الناس إليه، حيث وجدوا فيه الشخص الذي يلقون حملهم عليه إذا عدل عن الاعتزال (^١). وما أدري كيف استساغ أحمد أمين، أن يجعل هذا سببًا؟! فالمتأمل في هذا الكلام لا يجد فيه سببًا للتحول بل هذا الكلام يستساغ عندما يجعل هذا سببًا لمن أراد كثرة الأتباع، أما جعله سببًا لتحوله عن عقيدته فغير مقبول إطلاقًا ولذلك ظهر عنده الخلط، فقال قبل هذا التعليل: «فكان ذلك من الأسباب، التي دعته إلى ترك الاعتزال،
(^١) انظر ظهر الإسلام ٤/ ٥٩ بتصرف يسير.