يأتيه رسول الله في العشر الثاني ليسأله عما فعل، فيجمع كتب الكلام، ويشتغل بكتب الحديث وتفسير القرآن؟ وهذا مخالف تمامًا لما نعرفه من استحسان الأشعري الخوض في الكلام ودفاعه الحار عن علم الكلام، بل هو الذي أيد عقيدة أهل السنة والجماعة بالبراهين العقلية والأدلة المنطقية (^١). قلت: في هذا الكلام وجه حق، ولكن يُعَابُ على المؤلف جرأته وقطعه بأن جميع هذ الرؤى موضوعة.
٣ - إبراهيم برقان حيث قال: إن الأحاديث النبوية الشريفة وإن أكدت صدق رؤية النبي ﷺ في المنام، فإنه لا ينكر من يراه ﷺ كذلك ويحدثه بأمر من الأمور، يكون ذلك سببًا في تغيير مجرى حياته الفكرية، لكن رواية ابن عساكر لا تعتبر دليلًا قاطعًا على حدوث مثل هذه الرؤى للأشعرى، وتبقى فرضًا بحاجة إلى إثبات. ويصعب على الباحث الموضوعي، أن يقبل بهذه الرواية، قبولًا تامًا، وبخاصة أن مضمونها يوحي إلى تكلف فيها، وذلك عندما رد الأشعري على الرسول ﷺ في المرة الثالثة بقوله: كيف أدعُ مذهبًا تصورت مسائله، وعرفت أدلته منذ ثلاثين سنة لرؤيا، فالذي يرى الرسول ﷺ في المنام لا يجادله، وإنما يقف موقف الممتثل له، ناهيك عن أنني بذلْتُ جهدًا لكي أتحقق من صحة سند هذه الروايات التي ذكرها ابن عساكر إلا أنني لم أجد ترجمة لرجال السند
(^١) انظر: نشأة الأشعرية وتطورها ص ١٧٣.