25

Hawi Kabir

الحاوي الكبير

Baare

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1419 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ إِنَّهُ يَعُودُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمْ إِلَى مَا يُوجِبُهُ الدَّلِيلُ، وَيَقْتَضِيهِ الِاجْتِهَادُ، لِأَنَّ التَّقْلِيدَ مَعَ الِاخْتِلَافِ يُفْضِي إِلَى اعْتِقَادِ مَا لَا يُؤْمَنُ كَوْنُهُ جَهْلًا وَالْإِقْدَامُ عَلَى مَا لَا يُؤْمَنُ بِهِ يَكُونُ قَبِيحًا، وَقُبْحُ مَا يَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى مُقَرَّرٌ فِي الْعُقُولِ وَإِفْرَادُ الصَّحَابَةِ كَإِفْرَادِ سَائِرِ الْأُمَّةِ فِيمَا عَلَيْهِمْ مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي الْحَادِثَةِ لَكِنْ إِذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ إِحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ، بِخِلَافِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى مَا سِوَى الْقَوْلَيْنِ بَاطِلٌ، لَيْسَ بِحَقٍّ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ يَجُوزُ تَقْلِيدُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ فِيهَا وَلَمْ يَرُدَّ الشَّافِعِيُّ شَيْئًا مِنْهَا بِنَهْيِهِ عَنْ تَقْلِيدِ غَيْرِهِ. فَصْلٌ وَأَمَّا مَنْ يَخْتَلِفُ حَالُهُمْ بِاخْتِلَافِ حال السائل والمسؤول فهم علماء الأمصار، فَإِنْ كَانَ السَّائِلُ عَامِّيًّا لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ جَازَ لَهُ تَقْلِيدُهُمْ، فِيمَا يَأْخُذُ بِهِ ويعمل عليه، لقوله تعالى: ﴿فاسئلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: ٧] . ولأن العامي عادم لآلة الاجتهاد للوصل إِلَى حُكْمِ الْحَادِثَةِ فَجَرَى مَجْرَى الضَّرِيرِ يَرْجِعُ فِي الْقِبْلَةِ لِذَهَابِ بَصَرِهِ إِلَى تَقْلِيدِ الْبَصِيرِ لَكِنِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَلْزَمُهُ الِاجْتِهَادُ فِي الأعيان من المعينين عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ وَلَا يُقَلِّدَ إِلَّا أَعْلَمَهُمْ وَأَوْرَعَهُمْ وَأَسَنَّهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا لَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْأَعْلَمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُشَارِكًا فِي الْعِلْمِ، وَالْعَامِّيُّ لَيْسَ بِمُشَارِكٍ فَصَارَ عَادِمًا لِآلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي أَعْلَمِهِمْ، كَمَا كَانَ عَادِمًا لِآلَةِ الِاجْتِهَادِ فِي حُجَّةِ قَوْلِهِمْ، فَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَوْ وَجَدَ عَالِمَيْنِ وَعَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَعْلَمُ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُ الْأَعْلَمِ عِنْدَهُ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: هُوَ بِالْخِيَارِ لِأَنَّ كَوْنَ أَحَدِهِمَا أَعْلَمَ فِي الْجُمْلَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ أَوْصَلَ إِلَى حُكْمِ الْحَادِثَةِ الْمَسْؤُولِ عَنْهَا، أَوْ مُسَاوِيًا فِيهَا، وَعَلَى هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، لَوِ اسْتَفْتَى فَقِيهًا لَمْ يَسْكُنْ إِلَى فُتْيَاهُ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْأَلَ ثَانِيًا وَثَالِثًا حَتَّى يَصِيرُوا عَدَدًا تَسْكُنُ نَفْسُهُ إِلَى فُتْيَاهُمْ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ سُؤَالُ غَيْرِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فُتْيَاهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ نُفُورُ نَفْسِهِ وَلَا سُكُونُهَا حُجَّةً. وَلَوِ اسْتَفْتَى فَقِيهًا، ثُمَّ رَجَعَ الْفَقِيهُ عَنْ فُتْيَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ السَّائِلُ بالرجوع فهو على ما كان عليه الْعَمَلِ بِهَا، وَإِنْ أَخْبَرَهُ بِرُجُوعِهِ، فَإِنْ كَانَ الْفَقِيهُ خَالَفَ نَصًّا لَزِمَ السَّائِلَ أَنْ يَرْجِعَ عَنِ الْأَوَّلِ إِلَى الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ قَدْ خالف أولى التصوير فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ السَّائِلُ بِمَا أَفْتَاهُ به لم

1 / 32