مَنْقُولٌ مِنْ صِفَةٍ مُشْتَقَّةٍ مِنْ التَّحْمِيدِ يُقَالُ مُحَمَّدٌ وَصْفًا لِمَنْ كَثُرَتْ خِصَالُهُ الْحَمِيدَةُ وَلَمَّا طَبَعَ اللَّهُ نَبِيَّنَا عَلَى ذَلِكَ أَلْهَمَ أَهْلَهُ أَنْ يُسَمُّوهُ بِذَلِكَ فَطَابَقَ الِاسْمُ الْمُسَمَّى. وَآلُهُ ﷺ مُؤْمِنُو بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَسَيَأْتِي فِي الزَّكَاةِ وَقِيلَ: عِتْرَتُهُ الْمُنْتَسِبُونَ إلَيْهِ وَقِيلَ: أُمَّتُهُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهُوَ أَقْرَبُهَا إلَى الصَّوَابِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْأَشْرَافِ بِخِلَافِ أَهْلٍ وَإِنَّمَا قِيلَ: آلُ فِرْعَوْنَ لِتَصَوُّرِهِ بِصُورَةِ الْأَشْرَافِ أَوْ لِشَرَفِهِ فِي قَوْمِهِ عِنْدَهُمْ وَعَنْ الْبَصْرِيِّينَ إنَّ اللَّفْظَيْنِ بِمَعْنًى. وَالْأَصْحَابُ جَمْعُ صَحْبٍ كَأَشْهَادٍ وَشَهْدٍ لَا جَمْعُ صَاحِبٍ؛ لِأَنَّ فَاعِلًا لَمْ يَثْبُتْ جَمْعُهُ عَلَى أَفْعَالٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحْبٌ قَالَ سِيبَوَيْهِ: اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبٍ وَالْأَخْفَشُ: جَمْعٌ لَهُ وَبِهِ جَزَمَ الْجَوْهَرِيُّ فَقَالَ: وَجَمْعُ صَاحِبٍ صَحْبٌ كَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ، وَصُحْبَةٌ بِالضَّمِّ كَفَارِهٍ وَفُرْهَةٍ وَصِحَابٌ كَجَائِعٍ وَجِيَاعٍ وَصُحْبَانٌ كَشَابٍّ وَشُبَّانٍ انْتَهَى. وَالصَّحَابِيُّ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ ﷺ مُؤْمِنًا وَمَاتَ كَذَلِكَ وَإِفْرَادُ الصَّلَاةِ عَنْ السَّلَامِ مَكْرُوهٌ فَلَعَلَّ النَّاظِمَ قَرَنَ بَيْنَهُمَا لَفْظًا وَإِنْ أَفْرَدَهَا خَطًّا.
(وَبَعْدُ) أَتَى بِهَا اقْتِدَاءً بِغَيْرِهِ وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَأْتِي بِأَصْلِهَا فِي خُطَبِهِ وَهُوَ أَمَّا بَعْدُ بِدَلِيلِ لُزُومِ الْفَاءِ فِي حَيِّزِهَا غَالِبًا لِتَضَمُّنِ أَمَّا مَعْنَى الشَّرْطِ وَالْعَامِلِ فِيهَا، أَمَّا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ لِنِيَابَتِهَا عَنْ الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ نَفْسُهُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَالْأَصْلُ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ شَيْءٍ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ وَالصَّلَاةِ (فَالْعِلْمُ) الْمُتَعَلِّقُ بِالشَّرِيعَةِ كَالْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالنَّحْوِ (عَظِيمُ الْمَنْزِلَهْ) أَيْ: الْمَرْتَبَةِ قَالَ تَعَالَى ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩] ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ﴾ [آل عمران: ١٨] ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة: ١١] «وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ ﵁ فَوَاَللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِك رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَك مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ» ثُمَّ قَالَ «إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ فِي الْمَاءِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِي النَّاسِ الْخَيْرَ» وَقَالَ «فَقِيهٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَعَنْ مُعَاذٍ «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لَك حَسَنَةٌ وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ وَتَعْلِيمَهُ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ» .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: نَبِيَّنَا عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: كَثْرَةِ الْخِصَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْأَشْرَافِ) أَيْ: لَا يُضَافُ إلَّا لِلْأَشْرَافِ بِرّ. (قَوْلُهُ: آلُ فِرْعَوْنَ) مَعَ أَنَّهُ لَا شَرَفَ لِفِرْعَوْنَ. (قَوْلُهُ: اللَّفْظَيْنِ بِمَعْنًى) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْنَى أَهْلٍ بِرّ. (قَوْلُهُ: اسْمُ جَمْعٍ إلَخْ) يَحْتَمِلُ إرَادَةَ الْجَمْعِ الِاصْطِلَاحِيِّ. (قَوْلُهُ: جَمْعٌ لَهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْجَمْعَ اللُّغَوِيَّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ اصْطِلَاحًا. (قَوْلُهُ: مَنْ لَقِيَ) شَامِلٌ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلِلْأُنْثَى وَالرَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: وَإِفْرَادُ الصَّلَاةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ مَا صَاحَبَهُ السَّلَامُ فَتَضَمَّنَ قَوْلُهُ: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ التَّعَرُّضَ لِلسَّلَامِ فَلَا إفْرَادَ مُطْلَقًا لَا لَفْظًا وَلَا خَطًّا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِيهِمَا بِاعْتِبَارِ إتْيَانِهِ بِمَا تَضَمَّنَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي قَوْلِك مَثَلًا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ. إذْ لَا إفْرَادَ وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ وَقَدْ يُلْتَزَمُ وَالْحَقُّ أَنَّ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ.
(تَنْبِيهٌ) هَلْ كَرَاهَةُ إفْرَادِ الصَّلَاةِ عَنْ السَّلَامِ خَاصَّةٌ بِنَبِيِّنَا أَوْ عَامَّةٌ لَهُ وَلِبَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْرَدَهَا خَطًّا) صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ بِكَرَاهَةِ الْإِفْرَادِ خَطًّا أَيْضًا بِرّ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ لُزُومِ إلَخْ) فَكَأَنَّ الْوَاوَ نَائِبَةٌ عَنْ إمَّا وَمُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَاهَا. (قَوْلُهُ: كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ) إنْ كَانَ الْمُخَاطَبُ جَمِيعَ الْأُمَّةِ لَا الصَّحَابَةَ فَقَطْ فَهُوَ أَبْلَغُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لَك) أَيْ: أَيُّهَا الْمُتَعَلِّمُ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَنْ الْفِعْلِيَّةِ أَوْ بِمُقْتَضَى الْعَقْلِ عَلَى حَسَبِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ ثَابِتٍ دَوَامُهُ وَقَوْلُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَاهِرِ لَا دَلَالَةَ " لِزَيْدٌ قَائِمٌ " عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثُبُوتِ الْقِيَامِ يَعْنِي بِحَسَبِ أَصْلِ الْوَضْعِ فَلَا يُنَافِي الدَّلَالَةَ بِاعْتِبَارِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَآلُهُ) أَصْلُهُ أَهْلٌ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فَأَبْدَلَ الْهَاءَ هَمْزَةً تَوَصُّلًا لِقَلْبِهَا أَلِفًا فَلَا يُقَالُ الْهَمْزَةُ أَثْقَلُ مِنْ الْهَاءِ فَكَيْفَ يُعْدَلُ مِنْ الْهَاءِ إلَيْهَا. وَقِيلَ هُوَ مِنْ آلَ يَئُولُ إلَى كَذَا إذَا رَجَعَ إلَيْهِ بِقَرَابَةٍ وَنَحْوِهَا فَأَصْلُهُ أَوَلَ تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا. حَكَى الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ: أَهْلٌ وَأُهَيْلٌ وَآلٌ وَأُوَيْلٌ. وَإِلَى مَا تَقَرَّرَ أَشَارَ الشَّاطِبِيُّ بِقَوْلِهِ: فَإِبْدَالُهُ مِنْ هَمْزَةٍ هَاءً أَصْلُهَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ وَاوٍ أُبْدِلَا. اهـ. عَمِيرَةُ وَمِثْلُهُ الْجِنُّ. اهـ. عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ عِتْرَتُهُ إلَخْ) وَهُمْ أَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُ بَنَاتِهِ مَا تَنَاسَلُوا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: أُمَّتُهُ) أَيْ: أُمَّةُ الْإِجَابَةِ. اهـ. عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي الْأَشْرَافِ) فَفِيهِ تَخْصِيصَانِ تَخْصِيصٌ بِذَوِي الْعَقْلِ وَآخَرُ بِالْأَشْرَافِ مِنْهُمْ بِخِلَافِ آلٍ فَيُقَالُ آلُ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: جَمْعُ) حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَهُوَ بَعِيدٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَاتَ كَذَلِكَ) لَيْسَ احْتِرَازًا عَمَّنْ مَاتَ مُرْتَدًّا كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَطَلٍ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّعْرِيفِ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْمُنَافِي الْعَارِضِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يُسَمَّى الشَّخْصُ صَحَابِيًّا حَالَ حَيَاتِهِ وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِإِرَادَةِ تَعْرِيفِ مَنْ يُسَمَّى صَحَابِيًّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الصَّحَابَةِ قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ. (قَوْلُهُ: كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ) أَيْ: بُعْدُ مَا بَيَّنَ دَرَجَتَيْ الْعَالِمِ وَالْعَابِدِ كَبُعْدِ مَا بَيْنَ دَرَجَتَيْ النَّبِيِّ ﷺ وَالْأَدْنَى بِمَعْنَى أَنَّ الْعَالِمَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَابِدِ فِي غَايَةِ الصُّعُودِ وَالْعَابِدَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فِي غَايَةِ النُّزُولِ كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَدْنَى فِي غَايَةِ الصُّعُودِ وَالْأَدْنَى بِالنِّسْبَةِ لَهُ فِي غَايَةِ النُّزُولِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنْ يُقَاسَ فَضْلُ الْعَالِمِ بِفَضْلِهِ ﷺ لِتَفَاوُتِهِمَا فِي الْكَيْفِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الرَّشِيدِيِّ تَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت
1 / 7