الآية ٦٩] ﴿ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ﴾ (يبين) في هذه المواضعِ مجزومٌ بجزاءِ الأَمْرِ، والفعلُ المضارعُ المجزومُ في جزاءِ الطلبِ يقولُ الْمُحَقِّقُونَ من علماءِ العربيةِ: إنه مجزومٌ بشرطٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عليه الأَمْرُ (^١). وتقريرُ المعنى: إِنْ تَدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ.
﴿يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا﴾ اللونُ هو إحدى الكيفياتِ التي يكونُ عليها الجرمُ، كالسوادِ والبياضِ. يعني ما اللونُ الذي هي مُتَلَوِّنَةٌ به؟
﴿قَالَ إِنَّهُ﴾ أي: رَبُّكُمْ جل وعلا: ﴿يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ﴾ أي: مُتَّصِفَةٌ بلونِ الصُّفْرَةِ، والتحقيقُ أن المرادَ بالصفرةِ هنا الصفرةُ المعروفةُ، وما ذهبَ إليه بعضُ أهلِ العلمِ من أن المرادَ بالصفرةِ (السوادُ) مردودٌ من وَجْهَيْنِ (^٢):
أحدُهما: أنه أَكَّدَ الصفرةَ بقولِه: ﴿فَاقِعٌ لَّوْنُهَا﴾ والفقوعُ لا يُوصَفُ به إلا الصُّفرةُ الخالصةُ تَمَامًا.
[ثَانِيهِما] (^٣): أن العربَ لا تُطْلِقُ الصفرةَ وتريدُ السوادَ إلا في الإبلِ خاصةً دونَ غيرها، كما يأتي في تفسيرِ قولِه: ﴿إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ (٣٣)﴾ [المرسلات: الآيتان ٣٢ - ٣٣] الجمالةُ جمعُ الْجَمَلِ. والمرادُ بـ (الصفر) هناك (السودُ)؛ لأن شَرَرَ نارِ الآخرةِ أسودُ (^٤)، والعربُ إنما تُطْلِقُ الصفرةَ على السوادِ في الإبلِ خاصةً دونَ غيرِها من سائرِ الحيواناتِ، ومن إطلاقِ العربِ الصُّفرةَ