وكان زكريا أشد الحضور تألما مما حدث، وهم بأن يكلم مرقس في الأمر قبل عقد الخطبة، ولكن الأسقف لم يترك له مجالا وبادر إلى إتمامها. فلما رأى ما أصاب دميانة صبر حتى ذهب القوم وطلب مقابلة مرقس، وكان هذا قد هم بالخروج مع إسطفانوس فودعه على أن يلتقيا بعدئذ، ورجع إلى زكريا وقال: «ماذا تريد؟»
قال: «إذا أذن مولاي بخلوة قلت له ما أريد.»
فأظهر تململا من هذا الطلب، ولكنه مشى أمامه إلى غرفة دخلها وجلس على وسادة وقال: «ماذا تريد؟»
فقال زكريا: «لا بد أن ما أصاب سيدتي دميانة قد أثر في نفسك كثيرا.»
فضحك متهكما وقال: «لا لم يؤثر في، وأراه أثر فيك أنت فقط.»
فشق هذا التهكم على زكريا ولكنه تجلد، وقال: «لم أكن أنتظر هذا الجواب يا سيدي، وليس هذا ما أريد أن أقوله.»
قال: «قل ما تريد، إن دميانة لم تركب رأسها إلا بسببك ولولاك لكانت مطيعة راضية.»
فأطرق زكريا وهو يعمل فكرته، ويستشير نفسه: هل يجيب مرقس بما يستحقه أم يصبر عليه. واستبطأ مرقس جوابه فقال: «هل لديك شيء آخر تقوله؟»
فقال: «عندي أشياء كثيرة، ولكنني لا أقولها ما دمت تخاطبني بهذه اللهجة، ولا أرى مسوغا لها كأن سيدي نسي حقيقة مركزي في منزله، فأنكر اختصاصي بخدمة دميانة وإخلاصي لها.»
فأجابه: «لم أنس ذلك، ولكنك بالغت في إغرائها بأبيها حتى كادت تعصي كلمته.»
Bog aan la aqoon