125

Riyooyinkii Aabbahay: Sheeko Hiddo iyo Dhaxal

أحلام من أبي: قصة عرق وإرث

Noocyada

وكلما أتيحت لي الفرصة لمقابلة هؤلاء الرجال وجها لوجه انبهرت. ذلك لكونهم - كمجموعة - مراعين حقوق الآخرين ومثابرين ولديهم من الثقة وتحديد الهدف ما جعلهم أفضل المنظمين على الإطلاق في أحيائهم . كانوا كراما في منحي أوقاتهم، ومهتمين بالقضايا، ومستعدين - بطريقة تبعث على الدهشة - للتحدث أمامي عن أنفسهم بكل صراحة. مثلا تحدث أحد الخدام ذات مرة عن إدمانه المقامرة فيما مضى. وأخبرني خادم آخر عن سنواته التي قضاها مديرا تنفيذيا ناجحا وهو سكير في الخفاء. تحدث جميعهم عن فترات من الشك الديني؛ كانت هذه الفترات تبدأ بالتفكير في فساد العالم من حولهم وعدم نقاء قلوبهم، ثم السقوط في الهاوية وتحطم كبريائهم، وفي النهاية يأتي إحياء النفس من جديد، النفس التي تتحول إلى شيء أكبر، أصر هؤلاء الرجال على أن هذا كان مصدر ثقتهم؛ ألا وهو سقوطهم الشخصي ثم خلاصهم فيما بعد. وكان هو ما أعطاهم المرجعية لأن ينشروا تعاليم الإنجيل.

وكان بعضهم يسألني: هل سمعت الإنجيل؟

هل تعرف مصدر إيمانك؟

عندما طلبت أسماء قساوسة آخرين للتحدث معهم أعطاني العديد منهم اسم القس رايت الذي كان الخادم نفسه الذي ذكره لي القس فيليبس ذاك اليوم في كنيسته. كان من الواضح أن الخدام الأصغر سنا ينظرون إلى القس رايت باعتباره معلما، وإلى كنيسته باعتبارها نموذجا لما يأملون هم أنفسهم في تحقيقه. أما عن القساوسة الأكبر سنا فكانوا أكثر احتراسا عند مدحهم إياه ومنبهرين بالتطور السريع لأبرشية المسيح المتحدة للثالوث، لكنهم إلى حد ما يحتقرون شعبيتها بين العاملين الشباب السود. (قال لي أحد القساوسة عنها ذات مرة: «كنيسة المتعلمين السود».)

في أواخر شهر أكتوبر، سنحت لي الفرصة لزيارة القس رايت ورؤية الكنيسة بنفسي. وعندما ذهبت رأيت مبنى مفعما بالحياة في شارع 95 في حي سكني يبعد عن مشروعات لودين هوم ببعض المباني. في البداية توقعت أن أرى مبنى ضخما مهيبا، لكن اتضح أنه مبنى متواضع منخفض، مبني بالطوب الأحمر، وبه نوافذ بزوايا، ومحاط بأشجار ونباتات خضراء، وشجيرات تبدو وكأن نحاتا بارعا قد نحتها بيديه، ولافتة صغيرة مثبتة في الأرض المكسوة بالعشب مكتوب عليها بحروف كبيرة «حرروا جنوب أفريقيا ». أما عن الكنيسة من الداخل فإنها كانت جميلة وتعج بالنشاط. وكان بها مجموعة من الأطفال الصغار المنتظرين أهلهم لأخذهم من دار الحضانة. مرت مجموعة من الفتيات المراهقات ترتدي ما كان يشبه زي الرقص الأفريقي. وظهر أربع سيدات متقدمات في السن من حرم الكنيسة، وصاحت إحداهن «الرب خير!» ورد عليها الأخريات قائلات: «طوال الزمان!»

في نهاية المطاف جاءتني سيدة جميلة ذات أسلوب مرح ومفعم بالحيوية، وعرفتني بنفسها قائلة إن اسمها تراسي وإنها إحدى مساعدات القس رايت. وقالت إن القس سيتأخر بضع دقائق وسألتني هل أرغب في تناول القهوة. وفي أثناء اتباعي لها في طريق المطبخ في الجزء الخلفي للكنيسة بدأنا نتحدث وكان حديثنا في معظمه عن الكنيسة وإن كانت قد حدثتني قليلا عن نفسها. قالت لي إنها مرت بعام عصيب؛ فزوجها توفي قريبا، وفي غضون بضعة أسابيع ستنتقل إلى الضواحي. ثم استطردت قائلة إنها قاومت كثيرا هذا القرار لأنها عاشت معظم حياتها في المدينة، لكنها رأت أن الرحيل سيكون أفضل لابنها المراهق. بدأت تشرح لي كيف أن زيادة عدد عائلات السود في الضواحي ستساعد ابنها في أن يسير بحرية إلى مدرسته دون أن يتعرض للمضايقة، وكيف أن المدرسة التي سيلتحق بها تشتمل مناهجها على حصص للموسيقى وفرقة موسيقية وأنه سيحصل على آلات موسيقية وزي موحد بالمجان.

قالت تراسي برقة: «أراد ابني دائما أن يكون عضوا في فرقة موسيقية.»

وبينما كنا نتحدث لاحظت رجلا في أواخر سن الأربعين يسير تجاهنا. كان شعره وشاربه ولحيته بيضا، ويرتدي حلة رمادية من ثلاث قطع. تحرك ببطء وبانتظام نحونا كما لو كان يريد الحفاظ على طاقته وعدم إهدارها، كان ينظر بالتتابع إلى رسائله واحدة تلو الأخرى وهو يمشي ويهمهم لنفسه بأحد الألحان. «باراك!» هكذا قال كما لو كنا صديقين قديمين، «دعنا نر هل ستسمح تراسي لي بأخذ دقيقة من وقتك.»

قالت تراسي وهي تقف وتجذب ثوبها لأسفل: «لا تنتبه إليه يا باراك.» وتابعت: «كان من المفترض أن أحذرك من أن القس يحب المزاح في بعض الأحيان .»

ابتسم القس رايت وقادني إلى مكتب صغير يعج بأشياء كثيرة مبعثرة، وقال بعد أن دخل وأغلق الباب خلفه : «آسف على التأخير.» وتابع: «إننا نحاول بناء حرم جديد للكنيسة، وكان علي مقابلة المصرفيين. إنهم دائما في حاجة إلى أشياء إضافية من المرء. وآخر ما طلبوه هو بوليصة أخرى للتأمين على حياتي خشية أن أموت غدا. إنهم يتصورون أن الكنيسة بأكملها ستنهار في عدم وجودي.» «هل هذا صحيح؟»

Bog aan la aqoon