Buugga Dhaqanka Dhakhtarka
كتاب أدب الطبيب
Noocyada
ثم يجب أن يتبع ذلك بتفقد روائح سائر أعضائه. فما أنكر منها من رائحة، قابلها بما يزيل تلك الرائحة، كالتوتيا لروائح الابط، والذرائر التى تقمع الروائح الرديئة. وكذلك يلزمه أن يتفقد كل ما فضل من أعضائه، مما لا حاجة ضرورية للجسم إليه، فيزيله، كالزائد من الأظافير، والفاضل من شعر رأسه ووجهه، وغير ذلك مما شابهه.
ويتلو ما ذكرناه عناية الطبيب بلباسه. فإنه ينبغى له أن يتعمد شيئين: أحدهما النافع، وذلك كاللين والمسخن فى الشتاء، وكالرقيق الناعم فى الصيف، والآخر ما جمل وحسن عند أبناء نوعه، ولم يخرج عن طبقة مثله. فإن الطبيب الخادم للسلاطين يحتاج من الكسوة، والطيب، إلى أكثر مما يحتاج إليه طبيب العامة.
ويجب 〈على〉 الطبيب أن يحرس حواسه كلها، ولا يستعملها إلا فيما اجتلب نفعا، ودفع ضررا. فإن نطق، نطق عن علم وتحصيل، ولا يسمع منه لفظة مكروهة. وينبغى أن يتحفظ فى ألفاظه، خاصة فى مجالس الملوك والرؤساء، فلا يسأل إلا عما يعنيه أمره، ولا يجيب إلا عما سئل عنه. وكذلك يلزمه فى حراسة بصره، وذلك بأن لا ينظر إلى حرمة ليست له، بمحرم نظر هو غنى عنه، ولا إلى غلام. ويجتهد فى أن يكون نظره دائما فى كتب صناعته، وفى ديوان شريعته، فإن كتب الشرائع تقوم الأخلاق، وتبعث على الأعمال المحمودة، وكتب صناعته تكسبه علما بها.
ويجب على الطبيب حراسة سمعه، وذلك بأن لا يسعى إلى محادثة الجهال، ولا إلى استماع أقاويل الأشرار، ومذاهب الآراء الرديئة. وحسم ذلك عنه هو بألا يجالس أهل هذه الأمور، ولا يخالطهم، ولا يحادثهم، ما أمكنه. فإن تهيأ له مذاكرة فاضل، وإلا كان الأنس بالوحدة، والخلوة بالدرس، له أعظم الأنس.
وهكذا ينبغى للطبيب أن يأخذ نفسه فى حراسة حواسه الباقية. وذلك بأن يحرس نفسه من اشتمام الروائح المكروهة، المفسدة لدماغه، أو ملامسة الأعمال المفسدة لبدنه. وينبغى أن يجتهد فى تعديل هواء مسكنه، ومجلسه، وذلك بأن لا يجاور ما أفسد هواءه، من مسبك نحاس، أو أتون حمام، أو مجمع ماء ردئ، أو مدبغة، أو ما أشبه ذلك. ثم يجب على الطبيب أن يقسم نومه وليلته أقساما بحسب حاجاته ومصالحه، ويجتهد فى أن يكون وقت نومه أقل الأوقات، وبحسب الحاجة فقط، لأن النوم كأنه موت ما، والأعمال، فإنما تتم باليقظة. فلذلك يجب أن يكون زمان اليقظة أكثر من زمان النوم.
Bogga 84