Buugga Dhaqanka Dhakhtarka
كتاب أدب الطبيب
Noocyada
القول فى الرئة والصدر
ومن الأعضاء الخوادم للأعضاء الشريفة، النافعة فى بقاء الحى الرئة. فإنها عضو له منافع، منها صون القلب، والترويح عنه، لإنفاء بخار الحرارة النارية التى فيه، ولاستجلاب الهواء الصافى البارد إليه، ولتصفية حرارته، كالذى تفعله المروحة من استجلاب الهواء إلى النار، لتنفى عنها ما اجتمع عليها من الدخان والرماد، فتصفو بذلك، كذلك تفعل الرئة. ولذلك خلقت سفنجة خفيفة، ولشرف نفعها احرزت، يصونها سور يحيط بها، مركب من عظام، وعضل، وأغشية، وغير ذلك، وهو الصدر.
ولها من المنافع للحى أنها مع الصدر أكثر الأسباب فى تولد الصوت، وكونه. فلذلك يجب على الطبيب الاهتمام بمصالحها جميعا، وذلك بتعديل الأغذية، والأشربة، وخاصة الهواء المحيط بالشخص، وبحركاته. فإن ذلك أسرع إليهما. وبالجملة ينبغى أن يصلح لهما جميعا الأمور الطبيعية، ليدوم لهما بذلك، ولسائر أعضاء البدن، ما ذكرناه، وما لم نذكره، من السلامة والصحة.
ولم نذكر ما ذكرناه من هذه الأعضاء، إلا على طريق التنبيه، والمثال للطبيب على ما يجب أن يعمله فى سائر أعضاء البدن. فلذلك ينبغى له أن يعرف أعضاء البدن كلها الآلية، ويعلم أعضاءه التى هى فى المرتبة قبل الآلية، وهى المتشابهة الأجزاء، لأنها هى الأصول للأعضاء الآلية. ثم يلزمه أن يكون عالما بما منه ركبت الأعضاء المتشابهة الأجزاء، ليعلم كيف يحفظها. فيلزمه أن يتقدم عنده العلم بأمر الأخلاط، وقبل العلم بالأخلاط، العلم بالمزاج 〈الذى〉 يكون الأخلاط من الأسطقسات.
فلذلك قالوا إن هذه الأشياء هى الأمور الطبيعية للجسم، مع أسبابها وعلاماتها. ولهذه العلل، ولكثرة بحوثها، وتفنن طرق العلم بها، صنف القدماء لكل فن منها كتبا. فإن أحببت علم ذلك على إتقان، فيجب أن تلتمسه على ترتيب ونظام، فتقرأ كتب فن فن منه على توالى الأمر الطبيعى لبدن الإنسان. وأحمد ما قرأته فى ذلك، كتب جالينوس، ومنها خاصة الستة عشر كتابا التى رتبها الاسكندرانيون للمتعلمين لهذه الصناعة. وسنذكرها على ترتيبها، وبأسمائها، فيما بعد، بمشيئة الله تعالى.
Bogga 81