عريتَ وجوعتَ الفؤاد فحبذا ... مساكنُ فيها لا تجوعُ ولا تعرى
بكى الجامعُ المعمورُ فقدك بعدما ... لبثت على رغم الديار به عُمرا
وفارقتهُ بعد التوطن ساريًا ... إلى جنة المأوى فسبحانَ من أسرى
كأن مصابيحَ الظلام بأفقه ... لفقدك نيرانُ الصبابةِ والذكرى
كانَ المحاريبَ القيام بصدره ... لفرقة ذاك الصدرِ قد قوست ظهرًا
مضيتَ وخلفت الدّيار وأهلها ... بمضيعةٍ تشكو الشدائد والوزرا
فمن لسهامِ الليل بعدك إنها ... معطلة ليست تراشُ ولا تبرى
ومن لعفافٍ عن ثراءٍ ثنى الورى ... عبيدَ الأماني وانثنيت به حرًا
سيعلم كل من ذوي المال في غدٍ ... إذا نصبَ الميزانُ من يشتكي الفقرا
عليك سلامُ الله من متيقظٍ ... صبورٍ إذا لم يستطع بشرٌ صبرا
ومن ضامر الكشحين يسبق في غدٍ ... إلى غايةٍ من أجلها تُحمد الضمرا
أيعلم ذو التسليك أنّ جفوننا ... على شخصهِ النائي قد انتثرت درا
وأن الأسى والحزنَ قد جال جولةً ... فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
ألا ربّ ليل قد حمى فيه من وغى ... حمى الشام والأجفانُ غافلةٌ تكرى
إذا ضحك السمار حجب ثغره ... كذلك يحمي العابدُ الثغر والثغرا
إلى الله قلبًا بعده في تغابنٍ ... إلى أن أرى صف القيامة والحشرا
لقد كنتُ ألقاهُ وصدري محرج ... فيفتحُ لي يسرا ويشرحُ لي صدرًا
والثمُ يُمناه وفكري ظامئ ... كأني منها ألثمُ الوابل الغمرا
أمولاي إني كنت أرجوك للدعا ... فلا تنسني في الخلد للدعوة الكبرى
سقى القطرُ أرضًا قد حللت بتربها ... وإن كنت أستسقي بتربتك القطرا
1 / 63