Acmal Kamila
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
Noocyada
وأما التقليد في الفروع؛ أي: في الأحكام العملية، فالناس بالنظر إلى القدرة على تمييز الصواب من الخطأ درجات، فمن له قدرة على فهم الأدلة، ومعرفة الراجح من الأحكام، لا يجوز له أن يتلقى الحكم من غيره إلا مقرونا بدليل، وإن كان قاصرا عن هذه الدرجة، أخذ بما يفتيه به العالم المشهود له بالرسوخ في علم الشريعة، والمعروف بالمحافظة على لباس التقوى ما استطاع.
{بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه}:
هذا جواب عن قولهم: {لن يدخل الجنة} ... إلخ. و {بلى} حرف يصدر به الجواب لإثبات ما نفي في الجملة السابقة، والجملة السابقة نفت أن يدخل غير اليهود والنصارى الجنة، فتكون كلمة {بلى} لإثبات دخول غيرهم فيها، وهم المشار إليهم بقوله: {من أسلم}.
و {أسلم وجهه لله}: اتجه إليه، وأخلص نفسه له، و {وهو محسن}: من الإحسان، وهو الإتيان بالعمل على وجه حسن. وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الإحسان بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه". والأجر: الثواب، وسمي الثواب أجرا؛ إيذانا بقوة ارتباطه بالعمل، فمن المعروف أن الأجر لا ينال بدون العمل، وذكر الرب في هذا المقام يقوي رجاء العبد نيل الثواب الموعود به في الآية؛ فإن الرب - وهو الناظر في مصلحة العبد، المدبر لشؤونه - لا يغادر صغيرة ولا كبيرة من أعماله الصالحة إلا أحصاها، وأعد لها الجزاء الأوفى.
ولما كانت كثرة الثواب على الأعمال الصالحة لا تتم بها النعمة إلا إذا أمن الإنسان من أن يلحقه مكروه، أو يفوته مطلوب، قال تعالى:
Bogga 205