Tirada iyo Dhismaha Aadanaha
الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية
Noocyada
المرسومة في ترتيب شبكي. ووظيفة هذه الرسمة، التي هي أشبه بالمخطط منها بالعمل الفني، ليست معروفة على وجه اليقين، لكن الأرجح أن هذه العلامات تشير إلى كميات: للأيام، أو للبدور أو غيرها من أنواع الدورات الثمينة التي ضاعت بمرور الزمن، تدل هذه الرسمة على توجه أكبر. على مدار العقود العديدة الماضية، اكتشف علماء الآثار العديد من قطع الأدلة التي تشير إلى أن القدماء كانوا يولون اهتماما للكميات، وقد كانوا يمثلون هذه الكميات في بعدين؛ فلم يكونوا يمثلونها على هيئة كتابة رمزية مكتملة الملامح، بل بالعلامات المرسومة على جدران الكهوف، والعلامات المنقوشة على الخشب والعظام. وعلامات العصي تلك هي علامات رمزية من حيث إنها ترمز إلى شيء آخر، لكنها لا تمثل الكميات بطريقة رمزية مجردة تماما كالأرقام الفعلية المكتوبة؛ فالرقم سبعة، على سبيل المثال، يشير إلى مجموعة تتكون من سبعة عناصر، بغض النظر عن نوع هذه العناصر. يمكن تسمية هذه العلامات البدائية «أرقام ما قبل التاريخ»؛ فهي مؤشرات شبه رمزية على الأرقام الحديثة المكتوبة. فلتتأمل الرقم 3 في الأرقام الرومانية
III
إنه أكثر شبها بتمثيل ثلاثة عناصر بطريقة العد بالعصا فحسب. حتى الأرقام التي نستخدمها، والتي تعود إلى أصل هندي، تحمل آثارا واضحة على نظام العد بالعصا؛ فالرقم 1 مثلا، يمثل بعلامة عصا واحدة.
1
على بعد 5000 كيلومتر من مونتي أليجري، في ليتل سولت سبرينج بفلوريدا، اكتشف طلاب علم الآثار من جامعة ميامي في وقت قريب جزءا كبيرا من قرن أحد غزلان الرنة، يعود تاريخه هو أيضا إلى ما يقرب من عشرة آلاف عام قبل الآن. تظهر صورة حديثة لهذا القرن في الشكل
2-1 ، وكما توضح الصورة، توجد مجموعة من الخطوط المنقوشة على جانب القرن، وهي خطوط منتظمة للغاية، ويبلغ طول كل منها خمسة ملليمترات تقريبا. إضافة إلى ذلك، فالمسافة بين الخطوط متسقة بدرجة كبيرة، مما يوحي بأن هذه العلامات قد نقشت عن قصد وبشكل منهجي. وبجوار هذه العلامات توجد نقوش صغيرة، يتوازى كل منها مع الخطوط الأكبر. وتوحي هذه الخطوط الثانوية الصغيرة بأن العظمة كانت تستخدم لمتابعة تقدم شيء ما. (في الشكل
2-1 ، تظهر النقوش الثانوية إلى اليسار قليلا من الخطوط الأساسية على القرن.) لقد غفل الكثيرون عن أهمية قطعة قرن الوعل؛ فهي لم توصف إلا مؤخرا في دورية متخصصة في مجال علم الإنسان، دون الإشارة إلى ما يترتب عليها من نتائج أعم. بالرغم من ذلك، فعلى العكس من رسمة مونتي أليجري، يمكن لنا أن نطرح فرضية تتسم بدرجة كبيرة من المنطقية، بشأن وظيفة العلامات الموجودة على القرن. إن هذه العلامات توحي بالفعل بأن هذه القطعة من القرن هي أقدم أداة معروفة في العالم الجديد، استخدمت لأهداف تتعلق بالتقويم، وتوجد العديد من الأدلة التي تؤيد هذا الاستنتاج.
2
شكل 2-1: قرن غزال الرنة المكتشف في ليتل سولت سبرينج بفلوريدا، مع يد زميل لتوضيح الحجم. الصورة الفوتوغرافية من التقاط المؤلف.
إن المياه في ليتل ووتر سبرينج فقيرة بالأكسجين (فهي تفتقر إلى الأكسجين المذاب) فيما يزيد عن عمق 5 أمتار تحت السطح. والقطعة المعنية، وهي جزء مستو من قرن، ويبلغ طولها 8 سنتيمترات تقريبا وتزن ما يقرب من خمسين جراما، قد اكتشفت على عمق 8 أمتار. لقد كانت محاطة بالماء الفقير بالأكسجين منذ أن قطعت قبل 10000 عام تقريبا، والآثار لا تتلف في الماء الفقير بالأكسجين بالدرجة التي تتلف بها في الماء المعتاد؛ إذن فالقرن محفوظ بعناية شديدة؛ ولهذا يمكننا أن نثق بأن عدد العلامات الموجودة على جانبه هو نفسه العدد الذي نقشه ذلك الفنان قبل كل هذه الأعوام. إضافة إلى ذلك، فقد اكتشف القرن مغروسا في الأرض بجوار حافة جرف تحت الماء، ولم يكن هذا الجرف مغمورا تحت المياه في العصر الجليدي الذي صنعت فيه هذه الأداة، حين كانت مستويات المياه المحيطة بفلوريدا أقل انخفاضا مما هي عليه الآن بدرجة كبيرة. وقد كانت القمة المنحدرة لهذا الجرف تستخدم بمثابة موقع صيد في ذلك العصر؛ فقد اكتشفت هناك العديد من بقايا الحيوانات والأسلحة، وذلك على يد عالمي الآثار البحرية بجامعة ميامي؛ جون جيفورد، وستيف كوسكي، وطلابهما. وقد قام هذا الفريق البحثي بوصف هذه البقايا والأسلحة المعنية وأرخها بدقة، واكتشف أنها تعود إلى العصر ذاته الذي ينتمي إليه القرن المنقوش. ونظرا لأن قرن غزال الرنة قد اكتشف في هذا الموقع، فمن المنطقي أن نفترض أن العظمة كانت تستخدم لغرض متعلق بالصيد. ولدينا دليل آخر مهم يدعم هذا الاستنتاج الأخير، وهو أن قطعة القرن قد نقش بها تسعة وعشرون خطا أساسيا، ولدينا الآن جزء مكشوط، حيث كان به أحد هذه الخطوط كما يدل على ذلك وجود نقش أصغر بجوار ذلك الجزء المكشوط. وأحد هذه الخطوط الموجودة في المنتصف أقل انتظاما؛ ولهذا فقد يكون ثمانية وعشرون خطا فقط هي التي نقشت عن قصد، غير أن هذا الاحتمال الأخير يبدو غير مؤكد؛ إذ إن المسافة بين العلامات متساوية، كما يتضح في الشكل
Bog aan la aqoon