Tirada iyo Dhismaha Aadanaha

Zahra Sami d. 1450 AH
111

Tirada iyo Dhismaha Aadanaha

الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية

Noocyada

6

وليس معنى هذا أن عملية التوحيد هذه سهلة أو مباشرة؛ فالواقع أن قدرا كبيرا من الجدل يثار بين المختصين بشأن كيفية حدوث هذا «الدمج» على وجه التحديد.

توضح مثل هذه الأبحاث التجريبية أن أطفال البشر يمكنهم تمييز بعض الفروق العددية في سن صغيرة. إن الحاستين العدديتين التقريبية والدقيقة، لا يمكنانا من حل معظم المسائل الحسابية بسرعة ودقة، لكنهما يتيحان لنا الفرصة في معرفة كيفية التعامل مع مثل هذه المسائل. بالرغم من ذلك، فالدراسات المعنية لا توضح أن أطفال البشر مزودون بمفاهيم عددية مجردة بحق؛ فإدراك الفرق بين شكل واحد يشبه الدمية وشكلين، أو بين ثماني نقاط وست عشرة نقطة على الشاشة، لا يعني سوى أن الأطفال ينتبهون إلى الاختلافات العددية البصرية. غير أن البعض ربما يقولون: إن ذلك الإدراك لا يعني أن الأطفال يفكرون في الكميات بطرق مجردة، أي طرق لا تعتمد على الإدراك البصري. بعبارة أخرى: ربما لا يكون تمييز الكميات لدى الأطفال عابرا للحواس؛ فقد يميز الأطفال على سبيل المثال أن دميتين على شكل أسد تختلفان عن دمية واحدة في نطاق حاسة البصر. وقد يميزون أيضا أن صوت صفرتين متتاليتين يختلف عن صفرة واحدة في نطاق حاسة السمع، لكن ذلك الإدراك المادي للاختلافات في نطاق حاستين منفصلتين لا يعني بالضرورة أنهم يدركون الرابط بين صفرتين ودميتين على سبيل المثال؛ فهذا الإدراك العابر للحواس للتشابه بين الكميات، سوف يقدم دليلا أقوى على أن ما يحدث في عقول الأطفال هو تفكير عددي في شكل أكثر جوهرية وتجريدا. وربما لا يكون من الغريب إذن أن بعض التجارب الحديثة قد سعت إلى اختبار إدراك الكميات العابر للحواس لدى الأطفال.

وبعض هذه التجارب الأحدث قد تناولت أيضا مشكلة أخرى محتملة في الأعمال السابقة التي أجريت على الإدراك العددي لدى الأطفال، وهو السن المتقدمة للخاضعين للتجربة. وقد تبدو تلك مشكلة غريبة للطرح؛ إذ إن عمر الخاضعين للتجربة في دراسة وين لم يكن يزيد على خمسة أشهر فقط، غير أن إثبات وجود مهارة إدراكية معينة في مثل ذلك العمر لا يعني بالضرورة أنها مهارة غريزية؛ فهذا الدليل بوجودها في مثل هذه السن الصغيرة يدعم ولا شك الادعاء بوجود غرائز رياضية، لكن ذلك لا يوضح لنا أي المهارات الكمية يبدأ الأطفال في صقلها ثقافيا، حتى وإن كان ذلك في مثل هذه السن المبكرة. ويجدر بنا أن نضع في الاعتبار أن الأبحاث التي يجريها معظم علماء نفس النمو مخصصة لاستكشاف الإدراك العددي لدى أطفال ينتمون للثقافات الغربية والصناعية؛ ومن ثم فإن النتائج لا تقدم لنا إلا قدرا ضئيلا من المعلومات فيما يتعلق بأي تأثيرات محتملة عابرة للثقافات بشأن التفكير الرياضي في الشهور الأولى من الطفولة.

7

أما الدراسة البارزة الثالثة التي سنناقشها، التي أجرتها عالمة النفس فيرونيك إزارد وزملاؤها (ومنهم إليزابيث سبيلك)، فهي تتناول نقطتي الجدل السابقتين؛ فالنتائج المثيرة التي توصلت إليها الدراسة تفيد بأن الأطفال يستطيعون تمييز بعض الفروق بين الكميات على أساس مجرد وعابر للحواس، وأنهم يتمكنون من فعل ذلك بعد الميلاد بفترة قصيرة. وجدت إزارد وزملاؤها عددا من أولياء الأمور الذين وافقوا على مشاركة أطفالهم حديثي الولادة في الدراسة، والواقع أنه كان عليهم أن يجدوا العديد من أولياء الأمور الذين يوافقون على هذا؛ إذ إن جزءا صغيرا فقط من الأطفال المختارين للمشاركة، هم الذين أسهموا في نهاية المطاف في نتائج الدراسة. لقد اختير للدراسة ستة وستون طفلا، لكن خمسين من هؤلاء الأطفال قد استبعدوا من العينة الفعلية بسبب انزعاجهم أو بعض المشاكل الأخرى كالنوم، وهو ما يشير إلى مدى صعوبة إجراء مثل هذه الأبحاث! إن من يقومون منا بالأبحاث العابرة للثقافات في بعض الأماكن النائية كالأمازون أو مرتفعات نيو غينيا، قد يشتكون من التحديات الخاصة التي نواجهها عند القيام بالأبحاث الميدانية، لكنه من غير المرجح أن نجد المشاركين في التجربة يغلبهم النعاس في منتصفها. وكان متوسط عمر الأطفال الذين شاركوا في النهاية في تجربة إزارد وزملائها 49 ساعة. وهذه السن الصغيرة تسمح لنا أن ننحي تأثير خبرتهم الحياتية المبكرة بدرجة كبيرة من الثقة. ومثلما أشرنا من قبل فإن الأطفال يرون كميات منتظمة، مثل أصابع أيديهم، وهم في الرحم. إضافة إلى ذلك، فإن الطفل يستطيع أن يسمع نبضات قلب الأم وصوتها قبل الولادة، مما يجعلهم معتادين بعض الشيء على المحفزات السمعية على فترات بينية منتظمة، غير أن الاحتمال ضئيل للغاية بأن يكون للعوامل التجريبية والثقافية تأثير على كيفية تطور الإدراك العددي في الرحم. إضافة إلى ذلك فقد وضحت دراسة إزارد وزملائها أن البشر قادرون على تمييز الكميات بصريا بعد فترة قصيرة من مولدهم، ومن الجلي أنهم لم يتعرضوا لرؤية أي كمية من العناصر وهم في الرحم.

8

لقد قدمت إزارد وزملاؤها دليلا واضحا على أن الأطفال حديثي الولادة قادرون على استخدام نظامهم العددي التقريبي في المقارنة المجردة للكميات عبر حواس متعددة. استمع الأطفال إلى مجموعة من المقاطع، مثل «تو، تو، تو، تو» أو «را، را، را، را». وقد كانت هذه المجموعة تحتوي على عدد ثابت من المقاطع، ويتبع كلا منها فاصل قصير. فعلى سبيل المثال، يستمع الطفل إلى أربعة مقاطع يتبعها فاصل قصير، ثم يستمع إلى أربعة مقاطع أخرى، وهكذا. كان الأطفال يستمعون إلى المحفزات السمعية لمدة دقيقتين، وخلال هذا الوقت، ألف الأطفال كمية المقاطع. وبعد هاتين الدقيقتين، عرض على الأطفال بعض الصور على شاشة كمبيوتر. وكانت هذه الصور تتضمن مصفوفات لعدد محدد من الأشكال زاهية الألوان، تحتوي على أفواه وعيون (لجذب انتباه الأطفال)، التي كانت تتطابق في العدد مع سلسلة المقاطع التي تكررت على مسامع الأطفال. وقد افترضت إزارد وزملاؤها أنه إذا كان الأطفال يتمتعون بالإدراك المجرد للكميات العابر للحواس، فسوف تصدر عنهم استجابات مختلفة تجاه المصفوفات البصرية التي عرضت عليهم بعد المقاطع. فسوف يحدقون لفترة أطول إلى مصفوفات محددة، وفقا لما إذا كانت المصفوفات تتطابق في العدد مع مجموعة المقاطع التي سمعوها للتو. وهذا بالضبط هو ما لاحظه الباحثون؛ فعلى سبيل المثال، عند الاستماع إلى مجموعة تتضمن أربعة مقاطع، كان الأطفال بعدها يحدقون إلى الشاشة حين تحتوي على أربع صور لفترة أطول من تلك التي حدقوا فيها إلى الشاشة حين عرضت اثنتا عشرة صورة. وهم أيضا يحدقون إلى الشاشة حين تتضمن أربع صور لفترة أطول من تلك التي يحدقون فيها إليها حين تتضمن ثماني صور. (وقد كان الاختلاف في فترة التحديق أكبر في الحالة الأولى ؛ إذ إن الفرق بين 4 و12 أكثر وضوحا من الفرق بين 4 و8.) وحين استمع الأطفال إلى مجموعة تتكون من ستة مقاطع، كانوا يحدقون بعدها إلى الشاشة التي تحتوي على ست صور لفترة أطول من تلك التي يحدقون فيها إلى الشاشة التي تحتوي على ثماني عشرة صورة. وقد كان الاختلاف في فترة التحديق في حالات التطابق وعدم التطابق يزيد عن 10 ثوان في معظم الأحيان، وليست تلك بالنتيجة الهينة. وباختصار، فإن فترات التحديق لدى الأطفال كانت تتوافق بدرجة كبيرة مع اهتمامهم الزائد نسبيا بالكميات المتساوية، كما لو أنهم كانوا يدركون وجود تطابق جديد بين الحواس. لقد زادت نتائج إزارد والمجموعة في تأكيد الادعاء القائل بأن البشر يولدون بقدرة فطرية تمكنهم من تقدير عدد المجموعات الكبيرة من العناصر بصورة تقريبية، وهي تشير أيضا إلى أن هذه القدرة تتميز بالتجريد، ولا تقتصر على حاسة واحدة كالبصر.

لقد بينت الدراسات الثلاث التي تناولناها بعض الطرق المبتكرة التي يستخدمها علماء نفس النمو لاستكشاف التفكير العددي لدى الأطفال، وتتطابق هذه الدراسات مع الاستنتاج الأساسي الذي ذكرناه قبل هذه المناقشة، وهو أن البشر يتمتعون بفهم غريزي مجرد للأعداد، وهو يتجلى حتى بعد الميلاد بفترة قصيرة. وهم يمتلكون حاسة عددية فطرية تقديرية ودقيقة.

9

Bog aan la aqoon