Tirada iyo Dhismaha Aadanaha
الأعداد وبناء الإنسان: العد ومسار الحضارات الإنسانية
Noocyada
إذن، كيف اختبرت وين هؤلاء الذين يبلغ عمرهم 5 شهور في هاتين المهمتين؟ لقد استخدمت الطرق البسيطة المبتكرة التالية؛ وضع كل طفل بمفرده أمام صندوق للعرض كان يحتوي على شكل يشبه الدمية كان يجذب انتباههم تلقائيا. إضافة إلى ذلك، كان صندوق العرض يحتوي على ستار غير شفاف يمكن رفعه ليحجب رؤية الطفل للشكل الذي يشبه الدمية؛ وبعد رفع هذا الستار، لا يعود هذا الشكل مرئيا. أما الأمر الأهم فهو أنه كانت توجد فجوة بجوار كل جانب من جوانب الستار في صندوق العرض. وبعد أن كان انتباه الأطفال يتجه إلى الشكل في البداية، يرفع الستار ليحجب عن الطفل رؤيته، ثم يقوم الباحث القائم بالتجربة بوضع يده في باب جانبي في صندوق العرض مع الإمساك بشكل آخر يطابق الشكل الذي حجبه الستار. كان الأطفال يستطيعون رؤية اليد والشيء الذي تمسك به من خلال الفتحة الموجودة بين الستار وجانب صندوق العرض. ومن منظور الأطفال، فقد أضيف شيء آخر مطابق للشكل الذي يشبه الدمية، والموجود خلف الستار. وفي هذه المرحلة تظهر خدعة منهجية أساسية؛ كان صندوق العرض مزودا بباب سري يمكن للباحث من خلاله أن يزيل الشكل الأصلي من أمام الأطفال؛ ومن ثم فبالرغم من أن الأطفال قد رأوا شيئا يضاف إلى شيء آخر، كان يمكن إزالة الشيء الأصلي في الوقت نفسه من وراء الستار، دون علم الأطفال. وأخيرا أنزل الستار بعد إضافة الشيء الثاني. فوفقا لحالة «الناتج المحتمل»؛ كشف لنا إنزال الستار عن شكلين متطابقين يشبهان الدمية، وهو ما يتفق مع ما رآه الأطفال. ووفقا لحالة «الناتج غير المحتمل» كشف إنزال الستار عن شكل واحد فقط؛ لأن الشكل الأصلي قد أزيل بخدعة من خلال الباب السري لصندوق العرض.
ولأن البشر، بمن فيهم الأطفال، يحدقون لفترة أطول في الأحداث الجديدة غير المتوقعة، فقد افترضت وين أن الأطفال في دراستها قد يحدقون لفترة أطول في حالة الناتج غير المحتمل. ومعنى هذا أنهم إذا رأوا شيئا يضاف إلى شيء آخر مطابق، ثم اكتشفوا أن نتيجة هذه الإضافة هي شيء واحد متبق فحسب، فسوف تنتابهم الحيرة بعض الشيء. أما إذا رأوا شيئين بعد إضافة الشيء الثاني، فلن يكترثوا للنتيجة المتوقعة. بعبارة أخرى: إذا أدرك الأطفال ذوو الأشهر الخمسة أن 1 + 1 يساوي 2، وليس 1؛ فإن مثل هذه التجربة سوف توضح ذلك الإدراك. لقد كان التوقع المباشر أن الأطفال سوف يحدقون إلى صندوق العرض لفترة أطول في حالة الناتج غير المحتمل، حين بدا أن 1 + 1 يساوي 1 وليس 2، وقد حدقوا بالفعل لفترة أطول. لقد حدق الأطفال إلى صندوق العرض لفترة أطول بدرجة ملحوظة من الناحية الإحصائية، حينما كشف الستار بعد إنزاله عن شيء واحد فقط.
وفي مهمة الطرح، استخدم صندوق العرض نفسه والعناصر نفسها، لكن ترتيب الأحداث الذي شهده الأطفال كان معكوسا بالكامل؛ ففي البداية جذب انتباه الأطفال إلى الشكلين الشبيهين بالدمية في منتصف صندوق العرض، ثم رفع الستار فحجب عن الأطفال رؤية الشكلين كليهما. بعد ذلك ظهرت يد القائم على التجربة من خلال الفجوة الموجودة بين الستار وجانب الصندوق، ثم أزالت اليد أحد الشكلين من خلف الستار، بطريقة تظهر للأطفال بوضوح. في حالة الناتج غير المحتمل، استخدم الباب السري لإضافة شكل آخر مطابق، بينما تتم عملية الإزالة المرئية. ونتيجة لذلك، ظل هناك شكلان بعد إنزال الستار، بالرغم من الحقيقة الواضحة بإزالة أحد الشكلين. ففي حالة الناتج المحتمل، لم يضف شكل إضافي من خلال الباب المسحور، وعند إنزال الستار بعد إزالة أحد الشكلين بصورة مرئية، لم يتبق سوى شكل واحد. وقد جاءت نتائج مهمة الطرح متشابهة إلى حد ما مع نتائج مهمة الجمع؛ حدق الأطفال لفترة أطول إلى ما يبدو على أنه الناتج غير المحتمل، فإذا رأوا أحد الشكلين الأصليين وهو يزال، توقعوا بقاء شكل واحد فقط. فقد بدا أن الأطفال يدركون أن 2 − 1 = 1. وموجز القول أن نتائج هاتين المهمتين في دراسة وين، تشير إلى أن الأطفال الذين لم يكتسبوا مهارة اللغة بعد يستطيعون التمييز بين شيء واحد وشيئين. ومنذ دراستها التي كانت تستكشف الطريق، ظهرت أساليب جديدة قد استخدمت لاستكشاف هذه المسألة بعناية أكبر. ونتيجة لذلك، فقد أصبح من المتفق عليه بصفة عامة، أن الأطفال يستطيعون بالفعل التمييز بين الكمية من واحد إلى ثلاثة، بانتظام واتساق.
أما الدراسة الثانية التي سنناقشها من دراسات الإدراك لدى الأطفال، فقد ظهرت بعد ثماني سنوات تقريبا من نشر دراسة وين، وقد شارك إجراءها عالمتا النفس؛ فيشو، وإليزابيث سبيلك. (سبيلك هي باحثة وأستاذة جامعية في جامعة هارفارد، وواحدة من أكثر علماء نفس النمو تأثيرا على مستوى العالم.) وسوف نتناول نتائج الدراسة هنا؛ لأنها تؤيد وجود حاسة عددية تقريبية، وهي تبين بطريقة واضحة أن الأطفال الذين لم يكتسبوا مهارة اللغة بعد يستطيعون بطرق تقريبية، أن يميزوا الفروق الكمية بين المجموعات الكبيرة.
4
وسوف نتناول فيما يلي كيف سارت التجربة الأولى في دراسة شو وسبيلك. استخدم في التجربة ستة عشر طفلا يبلغ متوسط أعمارهم ستة أشهر، وقد جعلهم القائمون على التجربة يعتادون رؤية 8 نقاط سوداء أو 16 نقطة على شاشة بيضاء، بمعنى أن هذه المحفزات كانت تعرض على الأطفال حتى يملوا منها أو لا يعودوا يجدونها جديدة بعد ذلك. وكان القائمون على التجربة يرون أنهم قد وصلوا إلى مرحلة الاعتياد حين يتوقف الأطفال عن التحديق في المحفزات، أو حين يكونون قد رأوا أربعة عشر مصفوفة متتالية من النقاط. وفقا لحالة النقاط الثماني، كان يعرض على الأطفال عروض مختلفة لثماني نقاط تختلف في الحجم والتكوين والسطوع، حتى يعتاد الأطفال على رؤيتها. ووفقا لحالة الست عشرة نقطة، كان يعرض على الأطفال أيضا عروض مختلفة لست عشرة نقطة تختلف أيضا وفقا لمعايير مثل الحجم والتكوين، إلى أن يعتاد الأطفال على رؤيتها. وفي كلتا الحالتين، كان يعرض على الأطفال بعد ذلك 8 نقاط أو 16 نقطة، بعد أن يكونوا قد اعتادوا على الكمية الأولية من النقاط. فوفقا للحالة الأولى كانت المصفوفات التي تتكون من 16 نقطة، والتي عرضت بعد مرحلة الاعتياد، تمثل محفزا جديدا؛ لأن الأطفال لم يكونوا يرون سابقا سوى مصفوفات تتكون من 8 نقاط. وفقا للحالة الثانية، كان العكس هو الصحيح، وقد كانت المجموعات التي تتكون من 8 نقاط، والتي عرضت على الأطفال بعد مرحلة الاعتياد، هي المحفز الجديد؛ إذ إن الأطفال كانوا يرون قبل ذلك مصفوفات تتكون من 16 نقطة. على الأقل فنحن البالغين الذين نعرف الأعداد، سوف ندرك أن هذه المصفوفات جديدة؛ لأننا نعرف أن 16 لا تساوي 8. لكن ماذا عن الأطفال الذين لم يتعلموا العد بعد، ولا حتى تعلموا الحديث؟ إن نتائج شو وسبيلك قد قدمت بعض الأدلة القوية على أن الأطفال أيضا يمكنهم إدراك الفرق بين 8 عناصر و16 عنصرا.
جاءت نتائج التجربة الأولى مباشرة؛ كان الأطفال غالبا ما ينظرون إلى شاشات العرض التي تتضمن كمية مختلفة عن الكمية التي أصبحوا معتادين عليها، مدة ثانيتين أطول؛ ومن ثم فإذا اعتادوا على رؤية مجموعات تتكون من 8 نقاط، حدقوا إلى المجموعة التي تتكون من 16 نقطة لفترة أطول. وعلى العكس من ذلك، إذا اعتادوا على رؤية مجموعات تتكون من 16 نقطة، حدقوا إلى المجموعة التي تتكون من 8 نقاط لفترة أطول. وهذا الانتباه البصري لدى الأطفال قد بين بوضوح أنهم قد أدركوا الفرق بين 8 نقاط و16 نقطة، بصرف النظر عن العوامل الأخرى مثل حجم النقاط وتشكيلها. وبعبارة أخرى: يبدو أن معظم الأطفال قادرون على تمييز الاختلافات العددية، حتى في الكميات الكبيرة، على الأقل حين يكون الفرق بين المجموعتين التي تجري المقارنة بينهما واضحا،
5
غير أن هذا الادعاء الأخير مهم للغاية مثلما يتضح في نتائج تجربة شو وسبيلك الثانية. في تلك التجربة، كررت الباحثتان تجربتهما الأولى مع اختلاف مهم للغاية؛ فقد اختبرتا قدرة الأطفال على تمييز الفرق بين مجموعات تتكون من 8 نقاط و12 نقطة، بدلا من 8 نقاط و16 نقطة. في هذه الحالة، ومع انخفاض النسبة بين الكميتين إلى 2 : 3 (8 : 12) من 1 : 2 (8 : 16)، تغيرت النتائج تغيرا كبيرا؛ فلم يعكس نمط التحديق لدى الأطفال أي إدراك للفرق بين 8 نقاط و12 نقطة.
وهذه النتائج، إضافة إلى غيرها من نتائج الدراسات ذات الصلة التي أجراها علماء نفس النمو، تقدم دليلا واضحا على أن الأطفال يستطيعون تمييز الفروق بين كميات تحتوي على عدد كبير من العناصر، إذا كانت هذه الفروق تمثل نسبة 1 : 2 على الأقل. وهذه النتائج دليل على وجود النظام العددي التقريبي الفطري، مثلما أن دراسة وين دليل على وجود نظام عددي دقيق نسبيا. وكلا النظامين يمثلان مؤشرات إدراكية حاسمة على الإدراك العددي الأكثر دقة لدى البالغين. بالرغم من ذلك، فمثلما رأينا في الفصل الخامس، فإن هذا التفكير الكمي الدقيق لدى البالغين يعتمد على التدخل اللغوي. وقد لاحظت كل من شو وسبيلك عند مناقشة القدرتين العدديتين الفطريتين لدينا أنه: «بينما يتعلم الأطفال معاني مفردات الأعداد والغرض من العد، فقد يجمعون بين هذين النوعين من التمثيل، لتشكيل مفهوم موحد، بشري للغاية ويعتمد على اللغة، للعدد المنفصل.»
Bog aan la aqoon