52

Abu Nuwas

أبو نواس: الحسن بن هانئ

Noocyada

وأتم من ذلك في المشابهة أن أوسكار وايلد لم يكن يدمن الخمر كما يدمنها أبو نواس، وهذا على دين التحدي بالإباحية هو المعقول، فإن تحريم الخمر لم يبلغ في مجتمع وايلد تلك الشدة التي بلغها في مجتمع أبي نواس، فلا إثارة في إعلان حبها هنا كالإثارة التي يتعمدها أبو نواس في إعلان حبها هناك.

أسرار الغدد

الجنس والنفس

أشرنا قبل ختام الفصل السابق إلى فعل الغدد في التفرقة بين الأمزجة، وإلى آثارها المرجوة في علاج أمراض النفس والجسد مع تقدم العلم بأسرار كل منها على حدة، أو على التعاون بينها وبين الغدد الأخرى.

وكل ما عرفه العلماء حتى اليوم من الأسرار لا يعدو أن يكون مقدمة وجيزة من كتاب ضخم متعدد الأجزاء والأبواب، ولكنه على قلته يبدو كالخوارق التي لا تقبل التصديق لولا أنه محسوس مؤيد بالتجربة المتكررة، وسينجلي من أسراره مع الزمن ما يعلم المنكرين المتهجمين كثيرا من الأناة والروية قبل التهجم والإنكار. فإن الذين استغربوا أسرار الروح بالأمس، فأنكروها لغرابتها ليحارون اليوم بين تلك الغرابة وبين الغرابة التي تحيط بكل غدة من هذه الغدد في عملها المفرد وعملها المرتبط بغيرها، إن أغرب الغرائب ليدخل في حكم المألوف إذا قيس إلى هذه الغرائب، وهي كما أسلفنا لما تجاوز مقدمة الكتاب.

هذه الغدد تعمل معا كالفرقة الموسيقية التي يعطي كل منها اللحن الذي يناسبه، ويناسب آلات الفرقة بأجمعها.

بل هي في تجاربها أدق من ذلك وأعجب؛ لأن الآلة الموسيقية إذا اختلت في أداء لحنها لم تصلحه لها آلة أخرى، أما هذه الغدد فكل اختلال فيها تتصدى لإصلاحه غدة أخرى بعينها، وإذا اختلت غدتان في وقت واحد تعاونت الغدد الأخرى على تعويض عملهما، وبادرت كل واحدة منها إلى أداء مهمة لم تكن تؤديها قبل ذلك، ولا يقع الاختلاط بين هذه المهام المتقابلة، أو المتناقضة في بعض الأحوال، إلا إذا كان الفساد قد عم البنية جميعها فلا يرجى لها صلاح.

والمعروف من عملها حتى اليوم في توجيه الجنس، وتحويل الأحوال النفسية يهول العلماء بما يرونه اليوم، وما ينتظرون غدا أن يروه، ويحسب بعضه من الحقائق المقررة ويحسب بعضه الأكبر من الفروض والتأويلات، بل من الظنون والتخمينات، وهذه هي المرحلة الخطرة في طريق هذا العلم الجديد. لأنها توجب الحذر والانتباه، وقد يفوت الأوان إذا توغل الباحثون مندفعين وهم لا يحذرون ولا يتنبهون.

لقد مضت القرون الأولى ودراسة «الجنس» مهملة، أو مسكوت عنها باتفاق العلماء والجهلاء على السواء، وقد توطئوا جميعا على السكوت؛ لأنهم لم يفلتوا بعد من أسر الطوطمية وتحريماتها، ولا من وهم المتوهمين أن العلاقة الجنسية دنس معيب، أو أنها وصمة مخجلة لمن يتحدث بها ولمن يسمعها ولمن يعنى بها ولو للعلم والعلاج.

ثم اندفع العصر الحديث من الحظر إلى الثرثرة بالجنس في الدراسات وغير الدراسات، وأوشك الخطر من الإفراط في القول أن يضارع الخطر من الإفراط في السكوت أو يزيد عليه.

Bog aan la aqoon