91

ويقول:

هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون .

قال التلميذ: فماذا يسمي الشيخ هذه الحكومة التي يسمونها هنا بالحكومة النيابية؟

قال الحكيم: أسميها الحكومة النيابية واختلف ما شئت في معنى النيابة وفيمن ينوب وفيمن ينيب. فالرأي لأهل الرأي والحكم لأولي الحكم، والطاعة لمن يستطيعونها، ولا مشقة في الطاعة على سواد الناس إذا صلحت الأحوال وتقابلت الأهواء، فلا غلبة من هنا ولا هزيمة من هناك، ولا بأس من تبدل الأمور كلما اشتدت سطوة فريق واشتدت معها شكاية فريق. •••

قال التلميذ: أكاد يا مولاي أن أتابعك في قولك وإن كنت تنظر إلى زمان غير زمانك، فالحق أننا هنا بين أمة توازنت جوانبها فقل فيها الجور وكثر فيها الاعتدال: إن طغى النبلاء صمد لهم كبار التجار، وإن تجبر العلية أو تمرد السفلة صمد لهم أوساط الناس، وإن تحكم رجال الدين قابلهم رجل العلم، وإن صال الجند والقادة في البر فهناك الجند والقادة في البحار؛ تقابل وتوازن لا يطغى فيه جانب على جانب، ولا فصل فيه لتدبير فئة على فئة، وإنما هو من صنع الجغرافية ومن صنع التاريخ ومن صنع الفئات كافة، وما داموا على هذا فهم في صلاح دائم، وأخشى أنهم لا يدومون.

وإن التلميذ ليوشك أن يمضي في مقاله إذا بحاجب الباب يحمل إليه رسالة من وزير الشئون الخارجية المستقيل، وإذا بالوزير يطلب الإذن في مقابلة الحكيم، وإذا بالحكيم يسأل التلميذ ويعجب: ما خطب الرجل وهو في أزمات محرجات لا يفرغ فيها الساسة للأدب والأدباء ولا للشعر والشعراء؟ والتلميذ يشرح له بعض ما يعلم من شأن ذلك الوزير، ومن شئون سائر الوزراء في تلك البلاد.

قال التلميذ فيما قال: إنه يا مولاي يعرف اللغة الفارسية.

قال أبو العلاء: ولكني لا أعرفها.

قال التلميذ: أعلم ذلك، ولكنه يا مولاي قد اطلع على شعر حكيم الفرس الخيام ويعنيه أن يلقى حكيم العرب أبا العلاء، وهو فيما يسحبه بعض أدباء الغرب أستاذ الشاعر الفارسي، وفاتح هذا الطريق في آداب المشرقيين.

قال أبو العلاء: أوكثير من وزراء هذا البلد من يعنى بهذه المطالب؟

Bog aan la aqoon