90

كان أبو العلاء قد أقام في بلاد الإنجليز بضعة أيام، شهد في خلالها مجامع العلم والأدب ومعاهد الفن والرواية، وسمع الكثير من أنباء السياسة العالمية، وأنباء الأزمة التي أخرجت وزير الشئون الخارجية، وأعجبه نمط الحكم وانتظام الأمور بين الحكام والرعايا، فجلس يحاور تلميذه وتلميذه يحاوره، ويأبى التلميذ إلا أن البرلمان هو أساس هذا النظام وسبب هذا الاعتدال في تدبير الأحكام، ويأبى الحكيم إلا أن الأمة التي تنجب البرلمان تعرف الحكم الصالح بغير برلمان، فلو لم يكن فيها نواب وناخبون، لكان فيها الحكم كما ينبغي أن يكون، لأنها هي المرجع وهي الأساس، وكل ما عدا ذلك فهو صور وأشكال، يأخذها أناس وينبذها أناس.

قال التلميذ: بل الرأي هنا للكثرة من سواد الأمة، وما على الحكام إلا أن يطيعوا ما يأمر به هؤلاء.

قال أبو العلاء: وهل للكثرة من السواد رأي؟ إن الله يقول:

بل أكثرهم لا يعقلون

ويقول:

وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله .

قال التلميذ: ويقول:

وأمرهم شورى بينهم .

قال أبو العلاء: ونسيت أنه جل جلاله يقول:

فاسألوا أهل الذكر

Bog aan la aqoon