وحبا أهله بطول السعود
ما لنا لا نطرب ونفرح بهذا المولود الجديد؟! ما لنا لا نحمد الله عليه ونحوطه بالنفوس والنفائس، ثم نعمل على تربيته وإنمائه، وترقيته وإعلائه حتى يبلغ أشده، ويستكمل قوته وأيده؟!
هذا الاستقلال الوليد إنما هو جذوة مقدسة اقتدحتها يد الشعب بزناد الكد والجهاد، واستثارتها معاول الكفاح والجلاد من صخرة الجبروت والاستبداد. فما لنا لا نحوط هذه الجذوة المقدسة؟ وما لنا لا نشبها ونذكيها بأنفاس هممنا الصادقة، ورياح عزماتنا الثاقبة حتى يتلهب سناها، ويسطع شعاعها فيخرج البلاد وأهلها من ظلمة الرق إلى ضياء الحرية؟!
إن استقلالنا في هذا الدور الأول ليس سوى هلال الحرية في أولى منازله، فما لنا لا ننتظر به النمو والزيادة؟! وما لنا لا نرقب له الكمال والتمام؟! وما لنا لا نقول مع الشاعر:
مثل الهلال بدا فلم يبرح به
صوغ الليالي فيه حتى أقمرا
ومع الآخر:
إن الهلال إذا رأيت نموه
أيقنت أن سيكون بدرا كاملا
وهبونا لم ندرك الغاية، أفلم نضع أقدامنا على فاتحة السبيل المؤدية بالمثابرة والمصابرة إلى الغاية؟ ألم نملك اليوم فوهة المسلك الواضح المستضيء بعد طول تخبط في الأوعار والدياجي؟ ألم يعثر الغريق بين طفوه في غمرة الكرب ورسوبه على لوح النجاة - ولو ضعيفا - وعلى عود السلامة - ولو ضئيلا؟ أو لم تخرج السفينة من منطقة الخوف والخطر وإن لم يزل بينها وبين الساحل عباب وغمار يحتاج خوضها واقتحامها إلى احتمال المشاق والمتاعب؟
Bog aan la aqoon