مِصْدَاق
وقول يُوسُف لإخوته: ﴿هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (٨٩)﴾ هو مصداق قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٥)﴾.
يُوسُفُ يُضَمِّن عِتَابَه لإِخوته الاعتذار عنهم
وقد ضمَّن - ﵇ - عتابَه لإِخوته الاعتذار عنهم بالجهل: ﴿قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (٨٩)﴾ إنَّه استفهام العارف المتجاهل يريد به العِتَابَ لا اللَّوم، والاعتذار لهم قبل أن يعتذروا، إذ أضاف ما فعلوه إلى ما كان منهم مِنْ جَهْل، فهم معذورون لجهلهم آنذاك! تدبيرًا لهم أَدَبًا منه ونُبْلًا، قال الشَّاعِرُ:
إذا مَا بَدَتْ مِنْ صَاحِبٍ لَكَ زَلَّةٌ ... فَكُنْ أَنْتَ مُحْتالًا لِزَلَّتِهِ عُذْرا
وهذا ما جرى عليه القرآن، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٤)﴾ [الأنعام] وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧)﴾ [النِّساء].
يُوسُفُ يُظْهِرُ نَفْسَه لإِخوته
كان سُؤَالُ يُوسُفَ لإِخوته فَاتِحةً لأنْ يَعْرِفُوه، فحين سمعوا كلامه وملامه أمعنوا فكرهم في مرماه ومغزاه، فعلموا مرامه، وأجابوا عن السُّؤَال بسؤال ﴿قَالُوا﴾ متعجِّبين مقرِّرين: ﴿أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ﴾.
وآن موعدُ المفاجئة، ﴿قَالَ﴾: نعم ﴿أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي﴾ ولم يقل: وأنتم