148

A Glimpse of the Eloquence in Surah Yusuf in the Quran

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

Daabacaha

دار الفاروق للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

Goobta Daabacaadda

عمان

Noocyada

عند البلاغيين في علم المعاني بإيجاز الحذف، فقد حذف المضاف، فالمراد: اسأل أهل القرية وأصحاب العير. كلام الله تعالى لا يقدر عليه مخلوق كانَ العَرَبُ أصحابَ ألفاظٍ ناصعة، وأهلَ بلاغةٍ بارعة، وفصاحة بالغة، وأربابَ كلماتٍ جامعة ... فما راعهم إلَّا صادقٌ أمينٌ بكتابٍ كريمٍ: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)﴾ [فصّلت] فلم يتركْ لأحد منهم مقالًا ولا سجالًا ولا خطابًا، سمع أعرابيٌّ رجلًا يقرأ: ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا﴾، فقال: أشهد أنَّ مخلوقًا لا يقدر على هذا الكلام. وهذا يذكِّر بالوليد بن المغيرة لمَّا سمع من النَّبيِّ - ﷺ ـ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ... (٩٠)﴾ [النَّحل] قال: " والله إنَّ له لحلاوةً، وإنَّ عليه لطلاوةً، وإنَّ أسفله لمغدقٌ، وإنَّ أعلاه لمثمرٌ، ما يقول هذا بشرٌ" (^١). الشُّورى من قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ نفهم أن الأمر لمَّا اعْتَاص على الإِخوة والتوى، اعتزلوا جانبًا، وعقدوا مجلس شورى يتبادلون الرأي فيه - وإن كان السِّياق لم يذكر أقوالهم جميعًا ـ، وقد أصابوا؛ لأنَّه " ما شاور قومٌ قطٌّ إلَّا هُدوا لأرشد أمورهم ". وقد أَمَرَ اللهُ تعالى النَّبِيَّ - ﷺ - بالشُّورى، فقال: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ... (١٥٩)﴾ [آل عمران]، ومَدَحَ الصَّحابة، فقال: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ... (٣٨)﴾ [الشّورى]. وعليه، يجب أن نتشاور في الأمور، ولا نعجل، ولا نُمْضي عَزْمًا، ولا نُبْرِم أمرًا

(^١) القاضي عياض: " الشّفا " (ص ١٥٨).

1 / 153