228

A Commentary on Jami` at-Tirmidhi - Al-Rajhi

شرح جامع الترمذي - الراجحي

Noocyada

شرح حديث قصة الأعرابي الذي بال في المسجد
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في البول يصيب الأرض.
حدثنا ابن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: (دخل أعرابي المسجد والنبي ﷺ جالس، فصلى، فلما فرغ قال: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فالتفت إليه النبي ﷺ فقال: لقد تحجرت واسعًا، فلم يلبث أن بال في المسجد، فأسرع إليه الناس، فقال النبي ﷺ: أهريقوا عليه سجلًا من ماء أو دلوًا من ماء، ثم قال: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين).
قال سعيد: قال سفيان: وحدثني يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك ﵁ نحو هذا.
قال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وابن عباس وواثلة بن الأسقع.
قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح.
والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق، وقد روى يونس هذا الحديث عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة].
وهذا الحديث حديث صحيح، وفيه قصة الأعرابي الذي جاء ودخل المسجد وبال في المسجد، فزجره الناس فقال النبي ﷺ: (لا تزرموه) فلما قضى بوله دعاه ﵊ وعلمه أن المساجد إنما بنيت لذكر الله، لا للبول ولا للقذر، وأمر بأن يؤتى بذنوب من ماء ويصب على بوله، وقال: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) إذا كنتم تعملون بالشريعة التي بعث الله بها نبيه ﵊ فقد بعثه الله ﷾ بالتيسير، وكان هذا هو الحكمة؛ لأنهم لو زجروه وقام لألحقوا به مفاسد متعددة تلافاها النبي ﷺ، منها: الضرر الصحي الذي يحصل له في قطع البول.
ومنها: تلويث المسجد، فبدل أن يكون البول في مكان واحد يكون في عدة أمكنة، وهذا يحتاج إلى تتبع مكان البول.
ومنها: تلويث جسمه وثوبه.
ثم التنفير من الإسلام، فهذه كلها تلافاها النبي ﷺ، فقال: (لا تزرموه)، فلما انتهى دعاه وعلمه برفق وقال: (إن هذه المساجد إنما بنيت لما بنيت له) أي: لم تبن للبول والقذر، وإنما بنيت لذكر الله، فلما رأى الأعرابي أن الصحابة زجروه وأن النبي ﷺ رفق به قال: (اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فقال النبي ﷺ: لقد تحجرت واسعًا) أخرجه الجماعة إلا مسلمًا، لكن رواية الترمذي فيها تقديم وتأخير، حيث ذكر أن الأعرابي دخل المسجد فصلى ثم دعا بالدعاء: (اللهم ارحمني ومحمدًا)، وقال: (فلم يلبث أن بال في المسجد).
وقصة البول صحيحة ثابتة.

16 / 8