36
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فَقِيْرٌ، هَذَا مِنْ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ - وَالْعِيَاذُ بِاللهِ ــ، لَمْ يَجْعَلِ اللهُ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ إِلَّا مِنْ أَجْلِ الْتَّعَارُفِ لَا مِنْ أَجْلِ الْتَّفَاخُرِ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ ﵊: «إِنَّ اللهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ: مُؤُمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ؛ أَنْتُمْ بَنُوْ آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابِ». فَالْفَضْلُ فِيْ الْإِسْلَامِ بِالْتَّقْوَى، أَكْرَمُنَا عِنْدَ اللهِ هُوَ أَتْقَانَا لِلهِ ﷿، فَمَنْ كَانَ لِلهِ أَتْقَى؛ فَهُوَ عِنْدَ اللهِ أَكْرَمُ. وَلِكَنْ يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ بَعْضَ الْقَبَائِلِ أَوْ بَعْضَ الْشُّعُوْبِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، فَالْشَّعْبُ الَّذِيْ بُعِثَ فِيْهِ الْرَّسُوْلُ ﵊ هُوَ أَفْضَلُ الْشُّعُوْبِ، شَعْبُ الْعَرَبِ أَفْضَلُ الْشُّعُوْبِ، لِأَنَّ اللهَ قَالَ فِيْ كِتَابِهِ: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ (سورة الأنعام، آية ١٢٤). وَقَالَ الْنَّبِيُّ ﷺ: «الْنَّاسُ مَعَادِنُ، خِيَارُهُمْ فِيْ الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِيْ الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوْا». وَلَا يَعْنِيْ هَذَا إِهْدَارَ الْجِنْسِ الْبَشَرِيِّ بِالْكُلِّيَّةِ، لِكَنْ الْتَّفَاخُرَ هُوَ الْمَمْنُوْعُ، أَمَّا الْتَّفَاضُلُ فَإِنَّ اللهَ يُفَضِّلُ بَعْضَ الْأَجْنَاسِ عَلَى بَعْضٍ، فَالْعَرَبُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ، جِنْسُ الْعَرَبِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الْعَجَمِ، لَكِنْ إِذَا كَانَ الْعَرَبِيُّ غَيْرَ مُتَّقٍ وَالْعَجَمِيُّ مُتَّقِيًَا، فَالْعَجَمِيُّ ... عِنْدَ اللهِ أَكْرَمُ مِنَ الْعَرَبِيِّ).

1 / 37