447

ولم يدل على ما هو المراد. والوجه الأول مروي عن الباقر عليه السلام ، قال : «كان رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم أفضل الراسخين في العلم».

( يقولون آمنا به ) استئناف موضح لحال كل الراسخين. والمعنى : هؤلاء الراسخون العاملون بالتأويل يقولون : آمنا به ، أي : بالمتشابه ، أو حال منهم ، أو خبر إن جعلته مبتدأ ( كل من عند ربنا ) أي : كل واحد منه ومن المحكم من عند الله الحكيم الذي لا يتناقض كلامه ( وما يذكر إلا أولوا الألباب ) أي : لا يتلفظ بالقرآن إلا ذوو العقول الصافية ، الخالصة عن الشوائب النفسانية والكدورات الشهوانية. وهذا مدح للراسخين بجودة الذهن ، وحسن التأمل والتفكر والتذكر. وإشارة إلى ما استعدوا به للاهتداء إلى تأويله ، وهو تجرد العقل عن غواشي الحس.

واتصال هذه الآية بما قبلها من حيث إنها في تصوير الروح بالعلم وتربيته ، وما قبلها في تصوير الجسد وتسويته ، أو أنها جواب عن تشبث النصارى بنحو قوله : ( وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) (1)، كما أنه جواب عن قولهم : لا أب له غير الله ، فتعين أن يكون هو ابنه. وأجيب بأنه مصور الأجنة كيف يشاء ، فيصور من نطفة أب ومن غيرها ، وبأنه مصوره في الرحم ، والمصور لا يكون أب المصور.

( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (8) ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد (9))

قوله : ( ربنا لا تزغ قلوبنا ) من مقال الراسخين. وقيل : استئناف. والمعنى : لا تمنعنا لطفك الذي معه تستقيم القلوب ، فتميل قلوبنا عن نهج الحق إلى اتباع

Страница 452