ثلاثة : بر في عبادة الله تعالى ، وبر في مراعاة الأقارب ، وبر في معاملة الأجانب. ( وتنسون أنفسكم ) وتتركونها من البر ترك المنسيات. وعن ابن عباس أنها نزلت في أحبار المدينة كانوا يقولون لأقربائهم من المسلمين : اثبتوا على ما أنتم عليه من اتباع محمد صلى الله عليه وآلهوسلم ، وهم لا يؤمنون به ولا يتبعونه. وقيل : كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدقون.
ثم بكتهم بقوله : ( وأنتم تتلون الكتاب ) كقوله : ( وأنتم تعلمون ) أي : تتلون التوراة وفيها الوعيد على العناد وترك البر ومخالفة القول العمل. ( أفلا تعقلون ) توبيخ عظيم ، يعني : أفلا تفطنون لقبح صنيعكم فيصدكم استقباحه عن ارتكابه؟ أو أفلا عقل لكم يمنعكم عما تعلمون وخامة عاقبته؟ والعقل في الأصل الحبس ، ثم سمي به الإدراك الإنساني ، لأنه يحبسه عما يقبح ، ويعقله على ما يحسن.
والآية ناعية على من يعظ غيره ولا يتعظ بنفسه سوء صنيعه وخبث نفسه ، وأن فعله فعل الجاهل بالشرع أو الأحمق الخالي عن العقل ، وحاثة الواعظ على تزكية النفس والإقبال عليها بالتكميل لتقوم فيقيم ، لا أنها تمنع الفاسق عن الوعظ ، فإن الإخلال بأحد الأمرين المأمور بهما لا يوجب الإخلال بالآخر.
روى أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم : مررت ليلة أسري بي على أناس تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال : هؤلاء خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم.
( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين (45) الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون (46) يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين (47))
ولما أمر الله اليهود بما يشق عليهم ، لما فيه من الكلفة وترك الرئاسة
Страница 140