الرجل ، ولم يجز : يا الرجل. وقيل : مبتدأ خبره ما بعده ، والجملة خبر «إن».
وفي هذه الآية دلالة على أن العلوم كلها من جهته تعالى ، فإن العلوم لا تخلو إما أن تكون ضرورية فهو الذي فعلها ، وإما أن تكون استدلالية فهو الذي أقام الأدلة عليها ، فلا علم لأحد إلا ما علمه تعالى.
ثم خاطب الله تعالى آدم تبيينا لفضله على الملائكة بقوله : ( قال يا آدم أنبئهم ) أي : أعلم الملائكة وأخبرهم ( بأسمائهم ) بأسماء المسميات ، فعلق الإنباء بالأسماء لا بالمسميات ، فلم يقل : أنبئهم بهم ، لما قلناه من أن التعليم متعلق بالأسماء.
( فلما أنبأهم ) أخبر الملائكة ( بأسمائهم ) أي : باسم كل شيء ومنافعه ومضاره وخواصه ( قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض ) أي : أعلم ما غاب عنكم فلم تشاهدوه ، كما أعلم ما حضركم فشاهدتموه. والهمزة للإنكار دخلت على حرف الجحد فأفادت الإثبات والتقرير.
( وأعلم ما تبدون ) ما تعلنونه ( وما كنتم تكتمون ) ما تضمرونه. وهذا استحضار لقوله تعالى : ( أعلم ما لا تعلمون ) لكنه جاء به على وجه أبسط ليكون كالحجة عليه ، فإنه تعالى لما علم ما خفي عليهم من امور السموات والأرض وما ظهر لهم من أحوالهم الظاهرة والباطنة علم ما لا يعلمون. وفيه تعريض بمعاتبتهم على ترك الأولى ، وهو أن يتوقفوا مترصدين لأن يبين لهم.
وقيل : ( ما تبدون ) قولهم : أتجعل فيها من يفسد فيها ، و «ما تكتمون» استبطانهم أنهم أحقاء بالخلافة ، وأنه تعالى لا يخلق خلقا أفضل منهم. وقيل : ما أظهروا من الطاعة وأسر إبليس منهم من المعصية.
وعلمهم بصحة قول آدم ومطابقة الأسماء المسميات ، إما لعلمهم بنبوته. وإما أن يكون الله تعالى جعل لهم العلم الضروري بصحة الأسماء ومطابقتها للمسميات ،
Страница 119