قال بشار بن برد:
أبكِي الَّذي أذاقُونِي مودَّتهمْ ... حتَّى إذا أيقَظُونِي للهوَى رقَدُوا
واسْتنهَضُوني فلمَّا قمتُ منتصبًا ... بثقلِ ما حمَّلونِي ودَّهمْ قعدُوا
لأخرجنَّ من الدُّنيا وحبُّكمُ ... بينَ الجوانحِ لمْ يشعرْ بهِ أحدُ
ألقيتُ بينِي وبينَ الحزنِ معرفةً ... لا تنقضِي أبدًا أوْ ينقضِي الأبدُ
وقال طلحة بن أبي بكر:
لا تُظهرنَّ مودَّةً لحبيبِ ... فترَى بعينيكَ منهُ كلَّ عجيبِ
أظهرتُ يومًا للحبيبِ مودَّتِي ... فأخذتُ منْ هجرانهِ بنصيبِ
وقال جميل بن معمر:
إذا قلتُ ما بِي يا بثينةُ قاتلِي ... منَ الحبِّ قالتْ ثابتٌ ويزيدُ
وإنْ قلتُ رُدِّي بعضَ عقلِي أعِشْ بهِ ... معَ النَّاسِ قالتْ ذاكَ منكَ بعيدُ
فلا أنا مردودٌ بما جئتُ طالبًا ... ولا حبُّها فيما يبيدُ يَبيدُ
إذا فكَّرتْ قالتْ قدْ أدركتُ ودَّهُ ... وما ضرَّني بُخلِي ففيمَ أجودُ
يموتُ الهوَى منِّي إذا ما لقيتُها ... ويحيَى إذا فارقتُها فيعودُ
وقال ذو الرمة:
ولمَّا شكوتُ الحبَّ كيْما تُثيبَنِي ... بوجدِي قالتْ إنَّما أنتَ تمزحُ
دلالًا وإبعادًا عليَّ وقد أرَى ... ضميرَ الحشَى قدْ كادَ بالقلبِ ينزحُ
وقال آخر:
ولمَّا شكوتُ الحبَّ قالتْ أمَا ترَى ... مكانَ الثُّريَّا وهو منكَ بعيدُ
فقلتُ لها إنَّ الثُّريَّا وإنْ نأتْ ... يصوبُ مرارًا نوْؤُها فيجودُ
وأنشدتني أم حمادة الهمدانية:
شكوتُ إليها الحبَّ قالتْ كَذَبْتني ... ألستُ أرَى الأجلادَ منكَ كواسِيا
رُويدكَ حتَّى يبتلِي الشَّوقُ والهوَى ... عظامكَ حتَّى يرتجعنَ بَوادِيا
ويأخذكَ الوسواسُ مِنْ لوعةِ الهوَى ... وتخرسَ حتَّى لا تُجيبُ المنادِيا
وقال آخر:
أحينَ ملكْتِنِي أعرضتِ عنِّي ... كأنّي قد قتلتُ لكمْ قتيلا
فهلاَّ إذ هممتِ بصرمِ حبلِي ... جعلتِ إلى التَّصبُّرِ لي سبيلا
وقال آخر:
أطعَمَتْني فقلتُ أخذًا بكفِّي ... ثمَّ عادتْ مِنْ بعدِ ذاكَ بخُلفِ
زعمتْ أنَّها تريدُ عفافًا ... قلتُ ردِّي عليَّ قلبِي وعفِّي
وقال العباس بن الأحنف:
يا ويحَ مَن ختلَ الأحبَّةَ قلبهُ ... حتَّى إذا ظفِروا بهِ قتلوهُ
عزُّوا ومالَ بهِ الهوَى فأذلَّهُ ... إنَّ العزيزَ علَى الذَّليلِ يتيهُ
أُنظرْ إلى جسدٍ أضرَّ به الهوَى ... لولا تقلُّبُ طرفهِ دفنوهُ
مَنْ كانَ خِلوًا مِنْ تباريحِ الهوَى ... فأنا الهوَى وحليفهُ وأخوهُ
وقال أيضًا:
أحرَمُ منكمْ بما أقولُ وقدْ ... نالَ بهِ العاشقونَ ما عشِقُوا
صرتُ كأنِّي ذُبالةٌ نُصبتْ ... تُضيءُ للنَّاسِ وهيَ تحترقُ
وأنشدنا أحمد بن يحيى الشيباني:
وما أنصفتْ ذَلفاءُ أمَّا دنوُّها ... فهجرٌ وأمَّا نأْيُها فيشوقُ
تباعدُ ممَّنْ واصلتْ وكأنَّها ... لآخرَ ممَّنْ لا تودُّ صديقُ
وقال آخر:
وما أنصفتْ أمَّا النِّساءُ فبغَّضتْ ... إلينا وأمَّا بالنَّوالِ فضنَّتِ
دعتْنِي بأسبابَ الهوَى فاتَّبعتُها ... حنينًا فلمَّا أقصدَتْنِي تولَّتِ
وقال المجنون:
أأدْنَيْتِني حتَّى إذا ما ملكتِنِي ... بقولٍ يُحلُّ العُصْمَ سهلَ الأباطحِ
تجافيتِ عنِّي حينَ لا لي حيلةٌ ... وخلَّفتِ ما خلَّفتِ بينَ الجوانحِ
وقال آخر:
دنتْ فعلَ ذِي ودٍّ فلمَّا تبعتُها ... تولَّتْ وأبقتْ حاجتِي في فؤادِيا
فإنْ قلتمُ إنَّا ظَلمنْا فلمْ نكنْ ... ظَلمنَا ولكنَّا أسأْنا التَّقاضيا
وقال ذو الرمة:
وتهجرهُ إلاَّ اختلاسًا نهارَها ... وكمْ منْ محبٍّ رهبةَ العينِ هاجرِ
إذا خشِيتْ منهُ الصَّريمةُ أبرقتْ ... له برقَةً من خلَّبٍ غيرِ ماطرِ
وقال المجنون:
لعمرُ أبيهَا إنَّها لبخيلةٌ ... ومِنْ قولِ واشٍ إنَّها لغضوبُ
رَمَتْني عنْ قوسِ العداوةِ إنَّها ... إذا ما رأتْنِي مُعرضًا لخلُوبُ
وقال أبو ذهيل:
1 / 16