وكان بدر «10» قريبا منهم، فلما رأى الكشفة جاء ممانعا، وثبت بنفسه مدافعا. فأعياه سد ما اختل، وعقد ما انحل، ورد من أخل «11»؛ فاستمرت الهزيمة بهم إلى فخر الدولة وهو بسوق الأهواز، وشكوا إليه ضيق الحال، وتجمعوا على رسمهم للمطالبة بالمال، فغاظه ما ظهر في الأول من عجزهم وخورهم، وما انتشر في الثاني من سوء فعلهم وأثرهم، فانكفأ بهم راجعا إلى همذان على ظاهر هدنة، وقع التغاضي عليه ومنها إلى الري، وذلك في شهور سنة سبع وسبعين وثلثمائة.
وحدث وباء بأرض [43 ب] جرجان خارج عن الحد في هذه السنة، فهلك من أصحاب أبي العباس تاش و«1» وجوه قواده، وأعيان رجاله، والمذكورين من عماله وكتابه، وسائر حاشيته وغلمانه خلق عظيم. وعرضت له بأخرة «2» علة صعبة ختمتهم به، فمضى لسبيله رحمه الله.
وقد كان أصحابه أوغروا قلوب أهل جرجان برسوم ذميمة أبدعوها، ومعاملات قبيحة اخترعوها، وأجعال «3» عنيفة أوقعوها. فلما فشا خبر وفاته، صاروا يدا واحدة على أصحابه، فكبسوهم في الدور والحجر، وطلبوهم تحت كل حجر ومدر، وجعلوا القتل جفلى «4»، فانتظم الكبير والصغير، والشريف والمشروف في سلك القتل والتنكيل، والإبادة والتمثيل. وشغل وجوه أهل عسكره دهاء المصيبة عن الفراغ لقمعهم ووقمهم «5»، وإخماد جمرتهم، واستكفاف معرتهم. واقتضتهم صورة الحال البروز إلى ضاحي «6» البلد، لضبط الأمر، وضم النشر، وإتقان التدبير، في اختيار من يصلح للتأمير؛ فبرزوا إليه. واتفقت كلمتهم على أبي أحمد ابن أخت له، فقدموه وطالبوه بمال البيعة، فأطلق لهم ما وجد في خزانة الماضي، [44 أ] مضافا إلى ما أمكن تمحله «7» واحتياله عشرينية واحدة، حتى هدأت فورتهم، وسكنت سورتهم.
Страница 85