409

وخلع السلطان على القاضي خلعة لاقت بجلالة قدره، وزخارة بحره، ورعاية أمير المؤمنين لحقه، وإيعازه بتمهيد أمره. وصرف كلا منهما «10» على جملة الاستئناس «11»، والتفخيم على أعين الناس.

ولم تزل غصة القول بالتجسيم ناشبة في صدر أبي بكر، يصارع الأيام على نهزة المكافأة بها، إلى أن استتب له الأمر في عقد محضر «1» على انتحاله «2» مذهب الاعتزال، وتنجز خطوط قوم من الأعيان سلكوا فيه طريق المساعدة، وتنفسوا به عن وغرة المنافسة، فغيظ ما لا يطاق داء دخيل، وهم على سر النفوس نزيل.

واحتيل في عرض المحضر على السلطان استفسادا لصورته «3» لديه، فوقع [234 أ] التدبير موقعه من الإحفاظ «4» عليه، ورأى السلطان أن يبحث عن صورة المرفوع في إحقاق من صور، وإبطال من زور؛ فأنهض قاضي قضاته و«5» واحد ثقاته أبا محمد الناصحي «6»، من لم يشركه أحد في اصطناعه، والجذب إلى العلياء بباعه، فإنه استخصه على طراءة شبابه لخلتين «7» قلما توجدان في قرح الأسنان، فضلا عن أحداث الفتيان والشبان، وهما العلم والورع أخوان، دونهما الدر بالياقوت «8»، والصحة بكفاف القوت «9».

Страница 427