377

واتفق [214 ب] بعقب ذلك أن طلع رجل من ديار العراق ينتسب «7» إلى الشجرة «8» العلوية يذكر أنه رسول صاحب مصر إلى السلطان يمين الدولة وأمين الملة بكتاب تحمله، وبر تزوده. فورد نيسابور مدلا بسبب النسب، ومدليا بشرف السلف «9»، فاستوقف إلى أن أنهي إلى السلطان خبره، ووكل إلى ما يرد من مثاله صدره. ونهض من بعد ذلك إلى هراة ممتدا إلى الحضرة، فأمر برده إلى نيسابور، لتقرير ما تحمله على رؤوس الأشهاد، وبمرأى ومسمع من كل حاضر وباد، صيانة لخاص مجلسه عما عسى أن يضاف إليه من إحالة، وسر تحت رسالة. فلما رد «10» القهقرى وفتش عما صحبه، عثر على تصانيف الباطنية، وأغاليط في الشريعة الحنيفية، أصح منها في الأسماع خباط المجانين، ووسواس المبرسمين «1». لا تؤخذ في محصول، ولا توجد في معقول ومنقول.

وناظره «2» الأستاذ أبو بكر على أمور من جهة مرسله، تفاوتت فيها ألفاظه، فلم يوجد له على نار الامتحان ثبات، ولا إلى وجه التحقيق وجانب التمييز التفات. ومازال يضرب أخماسا لأسداس «3» إلى أن تبين له أنه أخطأ في تحمل تلك الرسالة، وحرم التوفيق في تقلد تلك [215 أ] السفارة.

وقضى الله أن أشخص إلى حضرة السلطان، فلما استحضر مجلس حفله وقد غص بأعيان الإسلام، ساداتها «4» وكبرائها، وقضاتها وفقهائها، وغزاتها وزعمائها. وهناك الحسن بن [طاهر بن مسلم العلوي، ومن قصته أن جده مسلما لم يكن في الطالبية من أولاد الحسين] «5» الأصغر رضي الله عنهم «6» بناحية مصر أوجه وأنبه منه، ولا أغنى ولا أفتى منه «7». فلما استقر معد أبو تميم المعز بمصر، خطب إليه بعض بناته على ولده أبي «8» منصور الملقب بالعزيز. وسبب ذلك- على ما قيل- أنه وجد في داره رقعة فيها:

إن كنت من آل أبي طالب ... فاخطب إلى بعض بني طاهر

فإن رآك القوم كفئا «9» لهم ... في باطن الأمر وفي الظاهر

Страница 393