فلبى حبقوق الذي هو على سن الخوري وسأله: ما قولك يا معلمي، البحر يحلو الليلة مثلما خبرونا؟
فلم يجب الخوري، وظل ناظرا إلى الباب الذي يفتحونه خصيصا ليدخل منه الدايم، ولا يدعو على البيت بالتسكير إلى الأبد.
فقال روحانا وهو ابن ستين وما فوق: مؤكد، عند نصف الليل تماما، أعرف كثيرين جربوا وشربوا فكان أحلى من الدبس.
ونكعت الخورية حبقوق ليسأل الخوري سؤالا آخر، لأنها اعتقدت أن الله ربط لسانه كما عقد لسان زكريا في الهيكل، فقال حبقوق بصوت عال: خوري نصر الله، أين أخبارك الحلوة؟ ما سمعنا منها شيئا الليلة.
فنظر إليه الخوري نصر الله نظرة مفلطحة ولم يتكلم؛ فراع الخورية منظره، وأيقنت أنها سترزق ولدا في الستين، وقد يكون عند الله يوحنا آخر، ولماذا لا فالإنجيل يقول: ليس عند الله أمر عسير، وهذا الخوري مربط اللسان وهو كاهن مثل زكريا، والخورية عاقر كأليصابات، ونقية طاهرة مثلها.
أما الجماعة فلم يدركوا شيئا مما يحدث، وأفاضوا في حديثهم عن «الدايم» لأن ساعة مروره قربت، فقال واحد: طلبت بنت كسيحة من سيدنا يسوع المسيح أن يعمل واحدة من يديها منجلا، والثانية فراعة (فأسا)، فقبل طلبتها، وخلصت من الذين يعذبونها.
وقال غيره: كان لواحد عمة اسمها خرستين غنية بخيلة لا يستنتج منها شيئا، فقالت له: اطلب لي طلبة من الدايم. فقال: يا دايم المجد والطهارة، صير عمتي مثل الكارة. فسأله شاب: صارت كارة؟ فأجابه بإيمان: وأية كارة! فمال ذاك إلى جاره وقال له: هينة عليك، اطلب الليلة من الدايم يعمل عمتك مثلما تريد، واسترح من دينها.
وبينا الشباب يكسرون الجوز واللوز، والشيوخ يضغضغون الزبيب والتين، فر الخوري إلى الباب بغتة، فماج الجمهور متعجبا من فرته الغريبة، وتبعه بعضهم، ثم عادوا معه يسألونه عما رأى، ولكنه لم يتكلم، فتحرك الجنين في بطن الخورية ...
وبعد سكوت غير قليل قال كبير القوم: قوموا يا جماعة، الثريا مالت. فودعوا كما سلموا.
وتعلق نظر الخورية بشفتي الخوري، وإذ لم يتكلم شعرت أن بطنها انتفخ كأنها في شهرها السابع، فمدت فراشها ونامت تتوقى الطرح والإسقاط ... ولكن الخوري بدد حلمها الشهي حين صاح بالناس من الباب: القداس نصف الليل.
Неизвестная страница