فأجابه شاب: لا تفوتنا هذه النعمة إن شاء الله.
وصاح شيخ رعشن من الزاوية: يا نسوان، الليلة يتركون خلايا الطحين مفتحة ليباركها الرب. فتنبهت لذلك امرأة خليتها مسدودة، فصفقت كفا على كف، وهرولت إلى بيتها ثم عادت تلهث، خائفة على فوات شيء من زلابية العيد.
وعلى ذكر الخمير قالت امرأة إنها علقت عجينتها بالمشمشة، فأجابها الرعشن، راوية أخبار الدايم: لا يا أم يوسف، هذا غلط، المشمش يركع، علقيها بالتينة أو التوتة، التوت متكبر لا يسجد، والتينة حاقدة على المسيح ... لأنه لعنها.
فقال شاب: نسيت الخروبة يا جدي.
فقال: نعم، نعم، الخروبة تقول للرب: حبلى ومرضعة على كل كتف أربعة. فأعجبوا بفصاحته، وصدقت كلامه امرأة علقت عجينتها بالمشمشة عام أول، فتلوثت بالتراب ... فأسرعت أم يوسف لتنقل عجينتها إلى التينة.
وكان الزيت يغني، والعجين يرقص، والناس يأكلون ويتحدثون، والخوري غارق في بحرانه كأنه لا يرى ولا يسمع، والخورية تتعجب كيف لا يأكل قرنا من زلابية العيد مع أنه يموت عليها. وكان الامتشاط في التبان
2
بعد قلي الزلابية، فتطاير الشرار من رءوس بعض البنات، وتراكض الساهرون ليروا، والتفت الخوري التفاتة غير كاملة، ولم يتكلم.
وجاء دور القمح والحمص المسلوقين، فصبت الخورية في صحون الفخار الصفراء، وأعطت كل كومة صحنا، فأقبلوا عليها يغرفون، وقال شاب فمه محشو: مر الدايم في زي فقير على امرأة تسلق قمحا، فقالت له إنها تسلق بحصا - أي حصى - فدعا عليها، ولما كشفت قدرها امتلأ بيتها حجارة، ولو لم يصل الخوري على الباب طمت الحجارة الضيعة ...
فأجابه ثان: وبالعكس حصل لامرأة فقيرة، ولكنها بنت أوادم، فأكل أولادها من الحول إلى الحول. وتذكروا عجائب لا تحصى، أما الخورية فكانت تغمز حبقوق ليحدث الخوري، فقد شغل بالها سكوته الطويل.
Неизвестная страница