وقام في شيء من الغضب إلى باب الحجرة، فأطل من الطنف على البستان الأشعث، ومن خلال أشجاره نحو الباب الواسع الخشبي الذي تراكمت الرمال تحت عقبيه. وقال: من أنت؟
فخرج سيف من وراء الفروع المتسلقة التي كانت تتوكأ صاعدة على جانب الطنف وأعلن عن نفسه.
وزحف الشيخ مسرعا، وكان صوته هشا يحمل ترحيبه، وتحرك ليهبط على الدرج المحطم وهو يقول: لقد تكلفت مشقة في سعيك إلى هنا.
فقال سيف وهو يسرع نحوه مادا يديه: عفوا يا سيدي الجليل، فإنه لا يشق علينا إلا أن نحرم منك.
ودخل الشيخ والفتى يسنده من ذراعه إلى ما يشبه البهو، لولا أنه كان عاريا من كل أثاث إلا أريكة خشبية خشنة تعلو شبرين عن الأرض، وعليها فروة شاة تغطيها، ومن ورائها وسادة. فمال الشيخ إلى الأريكة ليصلحها، وأومأ بيده كأنه ينفض عنها غبارها قائلا: لم تكن مثل هذه الأريكة بمجلس للأمير.
وتبسم سيف قائلا: كل ما في هذه الدار كريم يا سيدي الشيخ.
فتبسم الرجل ونظر إليه عاطفا، ثم التفت عنه ذاهبا إلى داخل الدار، فغاب لحظة، وجلس سيف على الأريكة وهو يدير بصره في البهو، وداخله ما يشبه الحزن أو الرحمة. الشيخ يؤثر هذه الدار المهدمة على غمدان! وعاد الشيخ ووجهه متهلل، وأعاد كلمته قائلا: لقد جشمت نفسك مشقة يا سيدي.
فأجاب سيف: لو كان في سيري مشقة لكان جزائي مضاعفا إذ أراك سليما معافى.
وقال الشيخ وهو يجلس: أعائد من وادي ضهر؟
وجاءت خادم تحمل طبقا من الخوص فيه أصناف من الفاكهة، ووضعته على الأرض بين يدي سيف، ثم خرجت تتعثر في أذيال ثوبها البالي. ومد سيف يده إلى الطبق وهو يقول: بل جئت من صنعاء. أهذه الفاكهة من بستانك؟
Неизвестная страница