Итальянское единство

Таха аль-Хашими d. 1380 AH
187

Итальянское единство

الوحدة الإيطالية

Жанры

غير أن روما البابوية ظلت متمسكة بسياستها المزدرية ولكي تؤيد سلطانها التجأت إلى المجمع المسكوني المؤلف من أساقفة الكنيسة الكاثوليكية، حملته على الاجتماع في روما وأخذ البحث يجري في عصمة البابا، ثم صدر مرسوم أطلق يد البابا في جميع الشئون الخاصة بنظام الكنيسة وحكومتها فأفزع هذا المرسوم السلطات المدنية؛ لأنه سلح كنيسة روما بسلاح هجومي مخيف.

وقد احتج الفاليكان العلمانيون في فرنسة والكاثوليك الأحرار في مدرسة مونتالمبرت منددين باستبداد روما الجديد، وشن دوللينجر وأنصاره في ألمانية الهجوم على الأحكام الواردة في المرسوم المذكور، أما في إيطالية فإن الرهبان الأحرار والعلمانيين قد نظروا إلى هذه المناورة الجديدة التي قام بها أنصار السلطة الزمنية بعين القلق والجزع، وشاركت بعض الحكومات قلق العلمانيين في أوروبا فاحتجت بروسية وأنذر بويست رئيس وزارة النمسة فيما إذا أيد المجمع ذلك المرسوم بأنه يمنع نشر السيللابوس، وطلبت حكومة بافاربه إلى الحكومات الأخرى اتخاذ التدابير المشتركة للقضاء على المجمع وشجعت الحكومة الفرنسية الأساقفة على معارضة هذه القرارات الجديدة، ووقف مائة وخمسون أسقفا بزعامة دوبا نلوب وداربوي وشتروسماير في صف المعارضة لهذا الهجوم، وكان هؤلاء من الأساقفة البارزين في عالمهم وخطورة أسقفياتهم وكانوا يمثلون باريس وميلانو وتورينو وقسما كبيرا من ألمانية الكاثوليكية، إلا أنهم أصبحوا عاجزين تجاه جمهرة الأساقفة من ذوي الألقاب والأساقفة الدنيا، وبعد اجتماع المجمع بسبعة أشهر انتصر أنصار السلطة الزمنية المتطرفين وأعلنوا في روما عصمة البابا، وقد جاء هذا عقيب إعلان الحرب بين فرنسة وألمانية في يوم 20 تموز 1870، فالمجمع المسكوني - والحالة هذه - يجب أن يعتبر من الأسباب التي قضت على السلطة الزمنية بدلا من دعمها؛ لأنه حمل جميع حكومات أوروبا على الحذر والارتياب بنزعة السلطة الزمنية المتطرفة، ولم تجد البابوية في المستقبل حماسة تسوق الناس للدفاع عنها.

لقد اتضح بعد سنة 1866 أن الحرب بين فرنسة وبروسية واقعة لا محالة، فقد نشرت المعاهدات بين بروسية والدول الألمانية الجنوبية في ربيع سنة 1867، وهذه كانت كفيلة لحث فرنسة على النزول إلى الميدان وإلقاء القفاز إيذانا بالنزول للبراز، كانت قضية لوكسمبورج قد جعلت البلد على قاب قوسين من الحرب في آذار سنة 1867، غير أن فرنسة ما كانت تستطيع أن تخوض حربا عظيمة دون أن يكون لها حليف، وكانت النمسة وإيطالية صديقتيها الطبيعيتين، أما النمسة فلأنها تريد أن تنتقم من بروسية وأما إيطالية فلمراعاتها جانب فرنسة، وكلاهما لأنهما تنشدان حربا تعيد سمعتهما اللتين أضاعتاهما سنة 1866.

ويظهر أن مفاوضات جرت بين فينا وفلورنسة منذ سنة 1865 ثم استؤنفت في صيف سنة 1868 بمكاتبات سرية بين الإمبراطور فرنسو جوزيف والملك فيكتور عمانوئيل ولم يطلع الملك حكومته عليها مدة من الزمن، وقد ظاهر الملك مشروع الحلف الثلاثي بحرارة وكان يتوق إلى غسل عار كوستوزه والانتقام لصولفرينو، بيد أنه لم يكن في إيطالية سوى رجال قلائل يشاركون الملك حسن ظنه بفرنسة وانعطافه لها، ولربما كان الرأي العام يرحب بمحالفة النمسة؛ لأنه لم يبق بعد أن تخلت عن فنيسيه ما يعكر العلاقات بينها وبين إيطالية سوى قضيتي التيرول وإيسترية الثانويتين، وقد أدرك الجانبان بأنهما أصبحا حليفين طبيعيين يحملان نفس الآراء المشتركة ويناضلان ضد نزعة السلطة الزمنية المتطرفة، أما محالفة فرنسة فإنها لا ريب غير محببة لدى الشعب.

ولما وصل ولي العهد البروسي إلى فلورنسة سنة 1868 قوبل بحفاوة بالغة مما دل على ميل الشعب الإيطالي إلى أي جانب، وكان رجال الاقتصاد يحذرون الناس من الحرب وعواقبها وينذرون بالإفلاس الذي يؤدي إليه، ولم يكن لفرنسة أصدقاء سوى حزب البلاط أو الحزب العسكري والمحافظين المتطرفين، ولما عرض الملك مشاريعه على مينا بريه وبعض زملائه كانوا راغبين في الأخذ بسياسة الحلف الإفرنسي النمسوي إلا أنهم كانوا موقنين بأن ذلك يجعلهم بمعزل عن الأمة، فلم يكن أمامهم لاستمالة الرأي العام الإيطالي إلى الرضا عن هذا الحلف سوى وضع شروط ثقيلة على فرنسة والنمسة وإيغار ظهرهما بكثير من المطاليب، مثال ذلك جعل عودة فرنسة إلى ميثاق شهر أيلول والجلاء عن جيفتا فيكيا شرطين أساسيين، والاشتراط بأن تتواطأ الدول الثلاثة على اختيار مرشح يخلف البابا في حالة موته وأن تتخلى النمسة عن التيرول وأن يسمح لإيطالية بأن تقيم لها قاعدة بحرية على شاطئ تونس، وكان بويست على استعداد للموافقة على جميع طلبات إيطالية، فطالب بشدة بأن يسمح لإيطالية بأن تحتل الأراضي البابوية ورضي بتصحيح حدود تيرول وربما حدود الألب الشرقية أيضا.

إلا أن المفاوضات فشلت؛ لأن فرنسة رفضت التخلي عن البابا رفضا باتا، وكان بيسمارك قد جر الإمبراطور نابليون للوقوع في الفخ وفرح للحماقة التي ارتكبتها فرنسة بإصابتها إيطالية بجرح فاغر حال دون كل اتفاق، وقد طلب مازيني منه مالا وسلاحا لمهاجمة روما ، وفاوضه بيسمارك إلا أنه كان حريصا على ألا يتعهد بشيء من قبيل الحرب، وكانت الدسائس قد أصابت المرمى وقوت عزم الإفرنسيين على عدم الجلاء ولكن يظهر أنهم رضوا بأن تصحح إيطالية حدودها فتعيد جزءا من إيالة نيس، بيد أنهم أبوا أن يتخلوا عن جيفتا فكيا وأن يسمحوا لإيطالية بالذهاب إلى روما.

ثم نجحت المعارضة في فرنسة في انتخابات سنة 1869 نجاحا باهرا، وأقنع إميل أوليفيه نابليون بأنه لا سبيل للاحتفاظ بعرشه إلا إذا هو فسح المجال للأحرار، ويتلخص منهج الإمبراطورية الحرة بالعبارة الآتية: «الحرية في الداخل والسلم في الخارج.»

ورأى أوليفيه أن وقت الوقوف أمام توسع بروسية قد فات فلا تجدي محاربتها، وقد تنفست أوروبا الصعداء من جديد، إلا أن قضية جديدة ظهرت بغتة على المسرح السياسي وتلك هي قضية الاستخلاف على العرش الإسباني، وهذه قربت وقوع الحرب وقد عزمت الحكومة الإفرنسية في 14 تموز على القتال لسببها، وكان ذلك قبل أن تطلب فرنسة من النمسة وإيطالية محالفتها بأربعة أيام، ولبى بويست وفيكتور عمانوئيل ذلك الطلب بشوق؛ إذ كان فيكتور يعتقد بانتصار الجيوش الإفرنسية السريع ويأمل أن يؤدي الحلف المذكور إلى ظفر الطليان بروما، وقد يمد في حدود إيطالية نحو نيس أو التيرول، بيد أن الوزارة التي وعدت بالاقتصاد ترددت كثيرا في جر البلاد إلى الحرب، فلانزا كان يميل إلى جانب فرنسة أما سيللا فكان يميل إلى جانب بروسية وكلاهما يعارض الحلف، وكان سيللا يرى بأن انتصار فرنسة يعني نجاح الأحكام التي وردت في مرسوم البابوية والسيللا بوسي وهدمه المبادئ الحرة وتجديد عقد البابوية بممارسة السلطة الزمنية مدة غير معينة، ولكن هناك فئة من الوزارة رأت رأي الملك، وأخيرا تفاهم الفريقان على تلبية طلب فرنسة بشرط أن تعترف فرنسة بحق إيطالية في روما.

ولعل فرنسة كانت تستطيع في تلك اللحظة أن تشتري حلف إيطالية بالرجوع إلى ميثاق أيلول، إلا أن أوليفيه لم يجرؤ على إغاظة الكاثوليك والحرب على الأبواب، وعبثا حاول بويست أن يقنع فرنسة بأن ذهاب الحكومة الإيطالية إلى روما خير من ذهاب الغاريبالديين إليها، وأبى أوليفيه أن يعد بالرجوع إلى الميثاق أو بالجلاء إلا في 23 تموز، إلا أنه كان يمتنع عن الموافقة على دخول الطليان في روما، فساعد التلكؤ والتأخر أنصار الرفض في وزارة لانزا على استحالة فريق المسالمين الذين قرروا هم أيضا رفض التحالف مع فرنسة، وقد ظاهرتهم في اتجاههم الآراء المعادية للإفرنسيين التي انتشرت في البلاد، وجرت في فلورنسة وميلانو وتورينو مظاهرات ضد الحلف، وطلب حزب اليسار من الحكومة وعدا برفض التحالف إلا أنه لم ينجح، أما الدعوة إلى الحرب التي وجهها جيالديني للمجلس فلم تلق قليلا من التأييد، أما في النمسة فقد أظهر الأهلون من الهنغاريين والألمان تمسكهم الشديد بسياسة الحياد وأسفر الأمر عن تراجع فرنسو جوزيف عن الانغمار في حرب ثالثة مخربة، أما روسية فأنذرت بالتدخل فيما إذا تحركت النمسة فنشطت المفاوضات بتحريض بويست لتأسيس حياد مسلح بين النمسة وإيطالية لمصلحة فرنسة.

على الرغم من معارضة سيللا فإن الحكومة الإيطالية وافقت على الحلف المذكور مشترطة أن ترضى فرنسة باحتلال إيطالية لروما، وأوفد الملك فيكتور رسولا إلى الإمبراطور في مدينة «متز» في 3 آب فوجد نابليون يشارك وزراءه ويرفض منح أي امتياز لإيطالية، وكانت الإمبراطورة تقول: «إن وجود البروسيين في باريس خير من وجود البيمونتيين في روما.» وكان الإفرنسيون قانعين بالنصر العاجل إلا أنه سرعان ما خابت الآمال؛ لأن الجنرال مكماهون انكسر بعد ثلاثة أيام في «ورط» أمام زحف البروسيين، فاستيقظت الحكومة الإفرنسية أخيرا بعد أن جبهتها الحقيقة وتضرعت إلى إيطالية بأن ترسل 50000 من جندها عن طريق «مونت سنس»، وهنا بذل فريق التحالف مع فرنسة جهدا آخر، وكادت الوزارة أن تعلن الحرب لو لم تصل إليها رسالة نيجرا في 8 آب تنبئ بأن الجمهوريين في فرنسة أخذوا يتحفزون وأن الإمبراطورية في طريق الانهيار.

Неизвестная страница