وهذه قصيدة علي بن أحمد الشامي المغربي التي تقدمت الإشارة إليها:
دعوا شفة المشتاق من سقمها تشفى ... وترشف من اسآر ترب الهدى رشفا
وتلثم تمثالا لنعل كريمةٍ ... بها الدهر يستسقى الغمام ويستشفى
ولا تصرفوها عن هواها وسؤْلها ... بعدلكم فالعدل يمنعها الصرفا
ولا تعتبوها فالعتاب يزيدها ... هيامًا ويسقيها مدام الهوى صرفا
جفتها بكتم الدمع بخلا جفونها ... فمن لامها في اللثم فهو لها أجفى
لئن حجبت بالبعد عنهم فهذه ... مكارمهم لم تبق سترًا ولا سجفا
وإن كان ذاك الحيف ملفى وصالهم ... فها نفحة الإفضال قربت الملفى
فحركت الأشواق منا لروضة ... أباح لنا الإسعاد من زهرها قطفا
زمانًا به موصولنا نال عائدًا ... وأكد نعت الوصل من نحوهم عطفا
تولى كمثل الطيف أن زارفى الكرى ... وإلا كمثل البرق أن سارع الخطفا
ومنها:
كأنا وما كنا نحوب منازلا ... يود بها المشتاق لو راهق الحتفا
ولم تبصر الأبصار منها محاسنا ... ولم تسمع الآذان من ذكرها هتفا
كذاك الليالي لم تحل عن طباعها ... متى واصلت يوما تصل قطعها ألفا
فلا عيش لي أرجوه من بعد بعدهم ... وهيهات يرجو العيش من فارق الإلفا
ومنها:
أيا من نأت عنه ديارُ أحبةٍ ... فمن بعدهم مثلى على الهلك قد أشفى
لئن فاتنا وصل بمنزل خيفهم ... فها نفحة من عرفهم للحشا أشفى
وهاذيك أنفاس الرياض تنفست ... برياهُم فاستشفينَّ بها تشفى
وقل للأولى هاموا اشتياقًا لبابهم ... هلموا لعرف البان نستنشق العرفا
فصفحة هذا الطرس أبدت نعالهم ... وصارت له ظرفًا فيا حسنه ظرفًا
تعالوا نغالى في مديح علائها ... فرُب غلوٍ لم يعب ربه عُرفا
ولله قوم في هوانا تنافسوا ... وقد غرفوا من بحر أمداحها غرفا
1 / 7