255

Ясное в основах фикха

الواضح في أصول الفقه

Редактор

الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي

Издатель

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Место издания

بيروت - لبنان

Жанры

لمَّا لم يكنْ في العقلِ حرامًا، بأنهما ناسخان لحكم العقلِ، وكذلك لا يوصفُ الموتُ المزيلُ لفَرْضِ العبادة، وكل ماجرى مَجْراه (١)، بأنه ناسخٌ لها، لمَا لم يكن المزيلُ خطابًا مزيلًا لحكم خطابِ أوَّلَ، ولأنه قد قيل للمكلَّفِ في أَصل التَعَبدِ: العبادةُ لازمةٌ لك إلىَ أن تموتَ، فصارَ لاقتران البيانِ به غيرَ ناسخٍ، وإنما نمنعُ وصفَهما بأنه ناسخٌ ومنسوخٌ، وإنْ كان بمعنى ما يوصفُ بذلك من الخطاب، لأنه ليس بخطاب أزالَ حُكْمَ خطابٍ ثابتٍ.
ومن شرطهما: أن يكونَ الخطابُ النَاسخُ منفصلَاَ عن المنسوخ، ومتأخَرًا عنه، لأنه إذا كان متًصِلًا به، لم يكنْ ناسخًا (٢)، ولا ما يزولُ حكمُه به منسوخًا؛ ولهذا لم يكنْ قولُه: ﴿حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، نسخًا لحَظْرِ الوَطْءِ، وقولُه: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ [التوبة: ٢٩]، نسخًا لفَرْضِ القتالِ، وإلى أمثالِ ذلك.
فصل
ومن شرائطهما (٣) أيضًا: أن لا يكونَ الخطابُ المرفوعُ حكمُه مقيَّدًا بوقت يقتضي زوالَ الحكمِ عند دخولِه، ولذلك لم يكنْ قولُه: ﴿أُ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، ناسخًا لصيام النَّهار، ولا كانت إباحةُ الإِفطارِ يومَ الفِطْرِ وما بعده نسخًا لصيام رمضانَ، وإلى أمثالِ ذلك مما وردَ التَعَبُّدُ به مؤقَتًا بوقتٍ محدودٍ.

(١) أي: كزوال العقل بالجنون.
(٢) إنما يكون استثناءً وتخصيصًا.
(٣) في الأصل: "شرائطها"، وما أثبتناه هو الجادة.

1 / 223